صحيح إن خطاب القسم كان كما هو متوقع ومأمول وكما اعتدنا على خطابات وأحاديث السيد الرئيس بشار الأسد خطاب متعدد الأبعاد عميق و غني بالأفكار ،وهو أيضاً خطابٌ يتسمُ بالصراحة و يسمي الأمور بمسمياتها ويعلن المواقف بكلّ وضوح ، خطاب نقدي يسلط الضوء على السلبيات ويرسم المبادئ العامة للتغلب عليها.
إلا أن الصحيح أيضاً هو أهمية التقاط بعض الأفكار والمفاهيم الأساسية التي تأتي في المقام الأول وتبرز في مقدّمة ما يجب البناء عليه في مجمل العناوين . ولعلّ كلّ من سمع وقرأ الخطاب لاحظَ أنه في المقام الأول خطاب تحية للوطن الشامخ وشكر ووفاء للسوريين الوطنيين الذين أفشلوا العدوان بصمودهم ومعاناتهم وتضحياتهم ووقوفهم مع جيشهم وكانوا مثالاً للشعوب الحيّة العريقة في حضارتها والمتجذرة في وطنيتها والمتأصلة في هويتها.
وفي المقام الأول أيضاً تأكيد السيد الرئيس على أننا لا ننتظر خطاب القسم لكي نبدأ به المرحلة (نحن نحدد توجهات و كلّ الأشياء لا يمكن أن نسميها وعوداً بل هي مسار نسير به بكلّ الأحوال وبشكل مسبق ، وإن عنوان الإرادة لا يمكن أن نعد به أحداً ،وإنما يجب أن نتفق عليه جميعاً لأن عنوان الإرادة هو عنوان وطني وعنوان جماعي و الإرادة إرادة العمل والإنتاج التي تتجاوز بقوتها كلّ درجات الإحباط والخضوع للواقع إن أردنا أن نحقق النتائج المأمولة و دون الإرادة كلّ العناوين الأخرى لن تؤدي إلى أي نتيجة ).
من هنا نرى أن الخطاب لا يحتاج إلى كثير من الشرح والتحليل كما تفعل عادة المؤسسات الحزبية والإدارية والمنظمات وإنما المطلوب في هذه المرحلة هو الانكباب على تحويل خطاب القسم إلى خطط عملية وتنفيذها أحسن تنفيذ ، والمطلوب هو عدم السماح بالتقاعس أو الخطأ أو التقصير في تنفيذ المهام والمسؤوليات . والأمر هنا يكتسب أهميته من نجاحنا في التغلب على الظروف الصعبة والتأسيس المتين لعناوين المرحلة الجديدة لأن الحلول الناجعة هي حلول سورية بحتة كما قال السيد الرئيس ولأن انتظار انتهاء الحرب من الخارج وهم وبالتالي لا بدّ من معالجة العامل الداخلي والتركيز على تطوير المجتمع على أساس الأخلاق إضافة إلى القوانين ومكافحة الفساد وإنجاز الإصلاح الإداري و التركيز على دور المجتمع والأسرة كقاعدة لمكافحة الفساد .
إن نبرة الثقة العالية والشجاعة اللافتة التي اتسم بها الخطاب هي انعكاس للإيمان العميق بالسيادة الوطنية وبقدرة الشعب العربي السوري على الدفاع عنها وقدرته على إسقاط الحسابات وتغيير المعادلات بفضل صموده وتمسّكه باستقلاله وحرية قراره. أي إنها ثقة وشجاعة لهما أساسهما الموضوعي وحاملهما الشعبي النوعي ، ولذلك فإن صدى هذه النبرة يجب ان يتجسد بالعمل والإنتاج وترسيخ المفاهيم والقيم والمبادىء المجتمعية من قبل الجميع مؤسسات وأفراد . والأمر لا يحتمل ترحيل المسؤوليات ومجرد الحديث عن خطاب القسم بخطابات .
الكنز -يونس خلف