بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
من المفارقات العجيبة في ممارسات أقطاب ما يسمى المجتمع الدولي تجاه الشعوب المنكوبة بسياساتها وغزوها ونهب ثرواتها، وخصوصاً دول الاستعمار القديم مثل بريطانيا وفرنسا وأميركا، أنها ترتكب كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق تلك الشعوب، ثم تضلل العالم بأنها تساعدها ولا تلقي الصواريخ والقنابل فوق رؤوسها، ثم نراها بعد ذلك وهي تتباكى عليها، ثم تخترع الأكاذيب عن صور الأحداث المسربة التي تفضحها، وأخيراً تأتي المفارقات الأكثر من عجيبة حين تقوم هي ذاتها، وعبر إعلامها الخنفشاري، بتسريب جرائمها ودجلها، ربما لتوحي للعالم بأنها شفافة وحرة وديمقراطية ليس إلا.
مناسبة هذه المقدمة وهذا الكلام هي سياسات بريطانيا تجاه سورية منذ بدء الحرب العدوانية على السوريين وحتى اليوم، فهذه الدولة الاستعمارية ما برحت تدعم الإرهاب على الأراضي السورية، وتقدم السلاح للتنظيمات المتطرفة، والمال للأبواق الإعلامية التي تضلل الآخرين، وملايين الجنيهات لمن تسميهم معارضين من أجل تدمير الدولة السورية وإحداث التغيير المطلوب في بنيتها وجغرافيتها وسياستها.
ثم نراها بعد ذلك تتباكى على معاناة السوريين ومأساتهم، وبعدها تنتقل إلى المؤسسات الدولية لتحريضها على سورية كما حصل غيرة مرة في مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ومنظمة “حظر الكيميائية” وغيرها، لتصل أخيراً إلى مرحلة تسريب الفضائح التي قامت بها بنفسها علها تقنع السفهاء بأنها ديمقراطية وأن إعلامها إعلام حر وأن مسؤوليها شفافون.
اليوم تتكشف المزيد من هذه الحقائق عن الدور الإرهابي لبريطانيا في سورية، عبر الوثائق التي سربها منذ أيام الكاتب البريطاني مارك كيرتس وأكد بالمعلومة والرقم والخارطة والوثيقة كيف أنفقت الاستخبارات البريطانية أكثر من 350 مليون جنيه إسترليني لدعم الإرهاب في سورية، وإحداث التغيير الذي تتوهم به منظومة العدوان في سورية ولاحقاً في المنطقة برمتها بما يخدم مصالح الكيان الإسرائيلي والغرب الاستعماري، لتظهر من جديد حقيقة الغزاة والمستعمرين وتضليلهم ودجلهم من أجل تحقيق مصالحهم الاستعمارية، وعبر تسريبات إعلامهم الذي يحاول أن يسوق بأنه حر وديمقراطي وشفاف، متجاهلاً غياب شفافيته وحريته حين كانت طائرات أميركا وبريطانيا والغرب تدك منازل السوريين الأبرياء وتقتل أطفالهم!.