أثبتت الأحداث والتطورات المتلاحقة في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات أن لا أمان لنظام أردوغان الأخواني الطامح لبناء “أمجاد” ومصالح خاصة به على حساب شعوب ودول المنطقة، فالمكر والخداع والغدر بعض شيمه حين يتعلق الأمر بالاتفاقيات والعهود والالتزامات، فهو يخلط بين موقع تركيا كجزء من حلف الناتو الاستعماري الغربي ورأس حربة له وبين موقعها كدولة إسلامية لها جذور عثمانية تتطلع للزعامة في الاقليم، وبين هذا وذاك يعجز المتابع عن بناء تصور واضح لطبيعة هذا النظام الثيوقراطي الانتهازي القبيح الذي يبدل وينوع ولاءاته كالحرباء.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، مارس هذا النظام الإرهابي شتى أنواع الخداع والمكر السياسي، رغم قيام الحليفين الروسي والإيراني بإعطائه فرصاً ذهبية كي يكون جزءاً من الحل السياسي ومحاربة الإرهاب عبر مسار آستانا، ولكنه أبى إلا أن يكون جزءاً من محور معادٍ لسورية وداعم وراعٍ للإرهاب في المنطقة، فتصرفاته اليومية بحق أهالي الحسكة وقطعه المياه عن أكثر من مليون مواطن سوري هناك والتلاعب بحصص المياه المخصصة لكلّ من سورية والعراق من نهري الفرات ودجلة، واستمرار رعايته لمجاميع الإرهاب في منطقة إدلب، وقيادة المرتزقة في الشمال السوري لزرع الفوضى وتخريب الأمن هناك، كلّها جرائم وانتهاكات تعطي مؤشراً وتقدم دليلاً تلو الدليل على أنه لا يمكن الوثوق به، وهو الساعي دائماً لإرضاء الأطماع الأميركية والعمل تحت مظلتها العدوانية بأي ثمن.
فرغم التزاماته الكثيرة كضامن للجماعات الإرهابية في مناطق ما يسمى خفض التصعيد، إلا أن الإرهابيين العاملين تحت إمرته يقومون يومياً بعشرات الخروق لاتفاقات آستانا ويعتدون على المدن والقرى الآمنة، ما يخلف العديد من الشهداء والجرحى بين المدنيين الأبرياء، الأمر الذي يعكس تنصله من الاتفاقات والالتزامات، واتخاذه قرارات تلبي أطماعه تارة وتلبي أجندات وأطماع الأميركيين الراغبين بإطالة أمد الحرب العدوانية على سورية تارة أخرى، ما يجعله “ألعوبان” بامتياز يجيد الرقص على مختلف الحبال السياسية دون أي عهد أو ذمة أو أخلاق.
ما من شك أن قيام واشنطن بإسناد دور وظيفي جديد لأردوغان في أفغانستان “كمرتزق” سيشجعه على المزيد من التمادي في الغطرسة والعدوان وارتكاب المزيد من الموبقات في المنطقة، وهو ما يتطلب من شركاء أستانا المزيد من الحذر والانتباه تجاهه وعدم الثقة بتعهداته والتزاماته، وعدم الرهان عليه كشريك في العملية السياسية، ولا سيما أنه الشريك الأكثر تورطاً بدعم الإرهاب وتنفيذ الأجندات الغربية المعادية، ولعلّ ما حدث في ناغورني كراباخ العام الماضي يقطع الشك باليقين.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود: