الثورة أون لاين – ريم صالح:
قل لي ما هو ماضيك الاستعماري، وما هي سياساتك الدموية السابقة، وما هو حاضرك الاستبدادي الإقصائي، أقل لك من أنت.. هو أقل ما يمكن أن نقوله لنظام الانتداب الفرنسي الذي أكد على ما يبدو فقدانه لكل معايير الكياسة الدبلوماسية، والسياسية، والأخلاقية، والقانونية.
فهذا النظام، وحتى اللحظة، يحاول الاصطياد الملفق في المياه العكرة، ويأتي بالتالي بروايات وسيناريوهات يدرك السوريون جميعاً أنها محض كذب وافتراء ليس إلا، وأنها ليست سوى محاولة جديدة ليزايد بها نظام المقصلة الفرنسي، ويقدم نفسه بمظهر الحريص على السوريين، فيما هو في حقيقة الأمر طرف من أطراف منظومة العدوان على سورية.
فإذا كانت فرنسا حريصة فعلاً على حياة السوريين كما تزعم، لماذا كانت ولا تزال طرفاً من الأطراف التي فرضت العقوبات اللا إنسانية، واللا أخلاقية، واللا شرعية الباطلة على الشعب السوري، لماذا لم ترفع حتى الآن عقوباتها الجائرة عن السوريين، هذه العقوبات التي تستهدفهم في لقمة عيشهم، بل إذا كانت حريصة عليهم كما تدعي لماذا لا تزال تدعم الإرهابيين، وقتلة السوريين، وتمدهم إلى الآن بكل مستلزمات القتل، والإرهاب، والإبادة، والتطهير الديمغرافي؟!.
ويبقى السؤال: هل يوجد أحد على وجه البسيطة لا يعي حقاً من هي فرنسا؟، وبأن شعاراتها حول الحريات، وحقوق الإنسان، مجرد شعارات للتصدير، والابتزاز الخارجي لا أكثر ولا أقل، وأنه حتى ثورتها أي الثورة الفرنسية قامت على ثقافة المقصلة، وقطع الرؤوس، بل هل هناك من لم يرَ بأم العين، أو حتى لم يسمع بالوحشية والدموية التي تعاملت بها السلطات الفرنسية مؤخراً مع أصحاب السترات الصفراء فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة؟، وهل هناك من لم يعرف عن هول العنصرية والفاشية التي تتعرض لها المرأة والأقليات في فرنسا؟.
هذه هي فرنسا، وهذا هو وجهها الحقيقي القبيح المليء بالعورات الخلقية والأخلاقية، لذلك كان الأجدر بهذا النظام الفرنسي أن يهتم بسياساته الداخلية، وبمصالح شعبه الفرنسي، قبل أن يتبجح بروايات وقصص ملفقة من خياله الاستعماري المريض حول الدولة السورية، بل كان عليه أن ينظر إلى نفسه أولاً، ليعي بحق أن كل الاتهامات الباطلة التي وجهها للحكومة السورية، إنما تنطبق عليه أولاً وأخيراً في ممارساته اليومية، بل وحتى اللحظوية تجاه شعبه الفرنسي، حيث العنف المفرط ضد المتظاهرين الفرنسيين، والمطالبين بإصلاحات جوهرية يضرب أطنابه، فيما الاعتقالات، والزنزانات، والرصاص الحي، هي السلاح الأوحد بيد رجال الشرطة الفرنسية لوأد أي تظاهرة قبل استفحالها، وخروجها عن السيطرة، وحيث توصيفهم الباطل للمتظاهرين الفرنسيين، وأصحاب المطالب المشروعة، بأنهم بلطجية، وفوضويون، وعنصريون، ومتطرفون، وربما إرهابيون جاهز ومعد سلفاً، لإسقاط المشروعية عن حراكهم السلمي، ومطالبهم المحقة.
الترهات الفرنسية لا تعنينا كسوريين، كما أننا لا نستغربها، وهي لن تزيدنا إلا ثباتاً، وتماسكاً، والتفافاً وتلاحماً مع قيادتنا الحكيمة وجيشنا الباسل، وإصراراً على استكمال معركة التحرير والتطهير، مهما بلغت التضحيات.