الضغوط الأميركية والأوروبية على سورية لم تتوقف لحظة واحدة، هي تأخذ أشكالاً عدة ( عسكرية وسياسية واقتصادية وحملات إعلامية وغير ذلك الكثير)، واستخدام المنظمات والهيئات الدولية كمنصة عدوان هي أحد أوجه هذه الضغوط، وتمثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية النموذج الصارخ للأدوات الغربية التي يتماهى دورها مع أجندات رعاة الإرهاب، بعد أن خرجت عن سياق عملها الطبيعي كهيئة دولية تشرف على تنفيذ وتطبيق معاهدة الحظر بشكل محايد.
واضح أن القائمين على هذه المنظمة لا يعملون وفق أنظمتها وقوانينها المحددة، وإنما وفق أوامر وتعليمات بعض الدول المهيمنة على آلية عملها وقرارها، وروسيا أعلنت عزمها تقديم شكوى ضد آلية عمل المنظمة بسبب محاولات بعض تلك الدول تسييس عملها، وبات معروفا أن (أميركا وبريطانيا وفرنسا) على رأس تلك الدول، ومن خلال الدور القذر الذي تمارسه هذه الدول في سياق الحرب الإرهابية المتواصلة على سورية، فإن الهدف من وراء تسييس عمل المنظمة ودفعها لمواصلة توجيه اتهامات كاذبة، هو لاستصدار قرارات عدائية مبنية على استنتاجات مضللة من أجل تبرير أي عدوان غربي محتمل، كما حصل سابقاً في نيسان 2018.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمارس الدور الأخطر في دعم التنظيمات الإرهابية، لأنها تتغاضى بشكل متعمد عن مسألة استخدام تلك التنظيمات للأسلحة الكيميائية والغازات السامة ضد المدنيين، رغم امتلاكها كل الوثائق التي تؤكد هذا الأمر، وهي سبق واتخذت أكثر من قرار لمصلحة إرهابيي “النصرة” و”الخوذ البيضاء”، ولا تزال حتى اليوم تلعب الدور المكمل لشرعنة جرائم الإرهابيين وتبرئتهم، عبر إصرارها على تزييف الحقائق، والتكتم على الكثير من التقارير التي خلص إليها المحققون، والتي تشير في مجملها إلى أن الإرهابيين يتحملون مسؤولية الهجمات المزعومة في السابق، وهذا إن دل على شيء، فإنه يؤكد مجدداً على أن منظومة العدوان ممثلة بثالوثها الإرهابي الأميركي والبريطاني والفرنسي، لن تكف أبداً عن استغلال هذه المنظمة المرتهنة، واستحضار المزيد من الفبركات والأكاذيب للضغط على الدولة السورية، لمحاولة تحقيق ما عجزت عنه عبر الإرهاب والعدوان.
سورية لم تستخدم يوماً الأسلحة الكيميائية، وسبق أن تخلصت من هذه الأسلحة منذ 2014، بعد عام على انضمامها لاتفاقية ” حظر الكيميائية”، وتم ذلك على مرأى من ممثلي الدول الغربية، حتى أن رئيسة البعثة المشتركة سيغريد كاغ أثبتت هذه الحقيقة في إحاطتها لمجلس الأمن حينذاك، وتقارير الأمم المتحدة ومنظمة الحظر أكدت أيضاً هذه الحقيقة في وقت لاحق، والقفز الغربي فوق هذه الحقائق يؤكد للمرة الألف بأن ما بات يسمى “الملف الكيميائي” هو أداة غربية للابتزاز السياسي، وتكبيل سورية بضغوط تنطوي على تهديدات واضحة ومعلنة، تصب في مصلحة إرهابيي ” داعش والنصرة والخوذ البيضاء”، وتعتبر بمثابة ضوء أخضر لتلك التنظيمات لارتكاب المزيد من الاستفزازات “الكيميائية” كلما اقتضت الحاجة والمصلحة الغربية لذلك.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر