ليس البرازيليون فقط من لديهم هوس – إن صح التعبير- بكرة القدم، فالأحياء الشعبية عندنا تعد الخزان الأساسي للمواهب والمتنفس لها، حيث تتم ممارسة كرة القدم بفطرية، كما أنها المكان الأوسع لاستقطاب الفئات العمرية الصغيرة وإتاحة الفرص لها لتفجير طاقاتها وإبراز مواهبها باتجاه النادي المحترف ثم المنتخب، ويمكننا القول: إن الأحياء الشعبية أكاديمية مهمة تمنح اللاعبين الصغار أساسيات كرة القدم.
العديد من نجوم منتخبنا وأنديتنا الذين تألقوا في الداخل والخارج، خرجوا من رحم الأحياء الشعبية التي فجرت طاقاتهم، فالقاعدة هي الأساس، والملاعب الصغيرة التي انطلقت منها النجوم والأسماء اللامعة، وهي تحت سن ثماني سنوات،هي التي منحتهم الفنون الأساسية للمراوغة والتمرير والتسديد داخل هدف ضيق، كما أن طبيعة الكرة في الأحياء الشعبية هي الشغف والحماسة الشديدة في تلك السن المبكرة، والاندفاع وبناء اللبنات الأولى في الشخصية الرياضية.
آلية اكتشاف المواهب والخامات الكروية, مختلفة شكلاً ومضموناً عندنا، عما هي عليه في البرازيل، حيث هناك عمل منظم ومنتظم ضمن مدرسة لها مختصوها الذين يراقبون لعبة الأحياء الشعبية بدقة ومنهجية، ويقومون بفرز الأسماء التي تستحق الصقل والتدريب منذ نعومة أظفارها، وصولاً بها إلى نجوم كبار، أما عندنا فيعتمد هذا على الجهد الزائد للاعب وسط ظروف صعبة، ويعتمد على التراتبية، فمدربو فرق أحيائنا الشعبية هم الذين يفرزون الغث من السمين، عدا أن الكثير من إداريي الأندية عندنا نبعوا من كرة الأحياء الشعبية، ومارسوها، ولكن يبقى لجهد اللاعب منفردا الدور الأهم، وللمصادفة أيضاً والحظ، في ظل غياب منهجية تراقب هذه الملاعب الصغيرة الشديدة الأهمية، وتنتقي منها نجوم المستقبل.
بقي أن نقول: إن الأحياء الشعبية أصح ما يمكن أن يطلق عليها لقب (منجم الكرة) ففي المناجم تجد الذهب والأحجار الكريمة أيضاً، لكن هذا يحتاج إلى باحثين ومستكشفين لديهم الخبرة والعين الثاقبة والكفاءة، فأين هم؟
ما بين السطور- سومر حنيش