الملحق الثقافي – حبيب الإبراهيم:
كثيراً ما يردّد الآباء، المعلّمون، التربويّون، أنّ هذا الجيل لا يقرأ، ولا يحبّ المطالعة ولا الكتاب.. وكأنّه في عداوة لدودة معه.. جيلٌ يُمضي جلّ وقته أمام شاشات الحواسيب، أو الهواتف الخليوية التي سلخت الأبناء من حضن الأسرة الذي يمدّهم بالحبِّ والحنان، بالنُصح والمشورة، فقد زادت وسائل التواصل الاجتماعيّ الهوّة بين أفراد الأسرة الواحدة، أو مع الأسر الأخرى، فتحوّل التواصل إلى قطيعةٍ وجفاءٍ وبُعد، وتوحّد وعزلة، وأصبحت هذه الوسائل نقمة بعد أن كانت نِعمة..
تُعتبر القراءة واحدة من أهمّ وسائل تحقيق المعارف واكتساب المهارات، كونها الخطوة الأولى الأهم، في طريق العلم والمعرفة، وصولاً إلى الأهداف النبيلة، وتحقيق النجاح والتميّز في مختلف ميادين الحياة.
إن متعة القراءة لا تجاريها متعة، ولا يوازيها سبيل، من أجل تحقيق الشخصية المتوازنة والناجحة في مختلف مضامير التخصّص، وهذه المتعة لا يحسّ أو يشعر بها، إلا من رافق نعومة الورق، ورائحة الحبر، وغِنى المضامين وحيويتها، وامتلاكها أهم عنصر في القراءة، ألا وهو التشويق ..
القراءة حاجة أساسيّة للجميع، ولاسيما طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس، حتى رياض الأطفال، كونها نقطة الانطلاق الأولى للتعلّق بالكتاب، الذي يُعتبر «خير جليس» و»خير صاحب» و»خير أنيس» وخير وفي».
لقد ارتبطت الأجيال السابقة بالكتاب، فأدمنت القراءة للوصول إلى المعرفة والحقيقة، وبلغت في ذلك شاناً عظيماً، مثل الكاتب الكبير «عباس محمود العقاد» الذي قدّم في تسعين عاماً، أكثر من تسعين كتاباً، في الفكر والأدب والفنون. المثال الآخر، الكاتب «كولن ويلسون» الذي عكف لعشر سنوات على القراءة من المكتبة، ولمدّة عشر ساعات يوميّاً، ليقدم أمتع وأجمل الكتب، وليصبح من أهم وأبرز وأشهر كتّاب القرن العشرين.
اليوم نحن بحاجة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، إلى تعزيز وتأصيل القراءة في عقول وأفئدة شبابنا، في حياتنا بشكلٍ عام، وصولاً إلى تجاوز كلّ معوقات وأعذار وأسباب العزوف عن القراءة، التي تُعد من أهم عوامل تحقيق الفائدة الفكرية والمعرفية والعلميّة.
القراءة فائدة ومتعة بآنٍ معاً، ويمكن أن نحوّلها إلى عادة ثابتة، ترتبط بشكلٍ رئيس بالمتعة والتشويق والبحث الدائم عن المعرفة والاكتشاف والمثابرة، من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخاة، فالقراءة أولاً وأخيراً هي: فنٌ وأسلوب ومهارة.
أخيراً، لا بد أن نوجّه الاهتمام إلى أهميّة القراءة، ودورها في بناء الشخصية المتّزنة المعبأة بالعلم والمعرفة والمهارات الحياتية، ولأنها كما قال الكاتب والفيلسوف الإنجليزي «فرنسيس بيكون» الذي قاد الثورة العلميّة مُعتمداً مبدأ الملاحظة والتجريب: «القراءة تصنع إنساناً كاملاً، والمشورة تصنع إنساناً مستعدّاً، والكتابة تصنع إنساناً دقيقاً».
التاريخ: الثلاثاء 24- 8- 2020
رقم العدد: 1060