ومضة تشهد على زمان ومكان وبشر حقيقيين حينها لم تخلق لديّ أيّ تهيّب نحو المستقبل، كلّ ماكان ردّ فعل تلك المرحلة حزن عميق ألقيت فيه المسؤولية على عاتقي وكأنني من أخطأت هناك..
اليوم وبعد مضيّ سنوات طوال على العمل الصحفي والمهني واكتساب مهارات وخبرات عملية وحياتية أشارككم تلك الومضة حيث كان من المفترض إجراء حوار صحفي مع أحد المعنيين في الشأن الثقافي.
وصلت إلى مكتب المسؤول يومها والدفء يملأ المكان ونظراً لبُعد سكني ولظروف الطقس وصلت مبلّلة من رأسي حتى أخمص قدميّ بعشر دقائق تأخير، ألقيت التحية وانتظرت مشروباً ساخناً لتدفأ يديّ وأبدأ الحوار والكتابة بالمهمة الإعلامية….
لكنّ المسؤول الثقافي الذي وصل باكراً بسيارة دافئة ومكان تنبعث منه رائحة زكية منذ دخولك الباب الرئيسي والدفء المنتشر في كل مكان (فالمؤسسات الحكومية في سورية لديها تدفئة مركزية وتبريد دائم قبل سنوات الحرب عليها) وهذا الصرح الثقافي مُحدث وبأبهى حُلّة…
أعطاني المسؤول الثقافي محاضرة في حساب الزمن والوقت والدقائق العشر تلك التي باتت وبالاً لم أتحرّر منه إلّا بعد بدء الحرب على سورية ولعنت الفقر الذي لم أشعر به يوماً إلّا حينها بسبب ذلك المسؤول الذي كان أوّل الفارين الخائنين الهاربين من عقود الزمن التي جعلت منه إنساناً يوماً ما…
اليوم عندما أتذكر كيف حدّثني عن الغرب الذي يحترم المواعيد وقدسيتها بعيداً عن ذكر أن العرب هم من اكتشفوا الساعة والوقت، والغرب هو من التزم بالمواقيت بعيداً عن الإنسان وإنسانية الإنسان والظروف المحيطة به، أعلم أنّ استباحة الغرب لمساحات الزمان والمكان في بلدنا وبالٌ وعارٌ عليهم وعلى نماذج احتذت حذوّهم وقلّدت تفكيرهم المعميّ عن كل المقدسات الإنسانية….
فواصل زمنية تثبت الأصيل من الدخيل والثابت من المتلوّن الذي يحار الزمان في وصفه ووصف المشروع الثقافي الذي لبسه ذلك المسؤول الثقافي لتلبية حاجاته الخاصة بعيداً عن الحاجات الإنسانية الثقافية على مستوى الدولة والوطن والثوابت الوطنية….
تعكّز ذلك المسؤول على ترهات ليبرالية بعيداً عن الكرامة الوطنية والاعتداد بالعروبة التي تقدّس الإنسان وظروفه الحياتية غير آبه بالمُثل الأخلاقية التي قدّمتها الحضارة العربية للعالم في احترام ثقافات الشعوب التي يعنيها من الزمن والوقت تجسيد حاجات ومنظومات أخلاقية تستند إلى تراث وموروث وتؤثر فيها مشاريع زمنها، تلك المشاريع السامية التي تنصّل منها ذلك المسؤول في الزمان والمكان الفعليين الحقيقيين وانهزم نحو شعارات الليبراليين وأماكنها في عالم خرافي احتسبه الزمن في ومضة أجد معها صدق الاستمرار والعمل يصنع انتصارات ومكانة في الزمن الحقيقي لوطن احترام الوقت مع التواضع…
رؤية – هناء الدويري