في علم الاقتصاد وتحديداً عند دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع يعد الإعداد الجيد من أهم خطوات نجاح المشاريع التي تعتمد في المقام الأول على التخطيط السليم من خلال جمع المعلومات وتحليلها لمعرفة إمكانية تنفيذها وتقليل المخاطر وربحيتها المتوقعة.
لكن يبدو أن من يقوم بإعداد الجدوى الاقتصادية لمشاريعنا الاقتصادية ينفذها فقط على الورق والدليل على ذلك عشرات المشاريع التي اتضح فيما بعد أنها لا تحمل أي جدوى اقتصادية وآخرها مشروع إنشاء معمل للعصائر في مدينة اللاذقية بعد وضع حجر الأساس منذ أكثر من ست سنوات والبدء بدراسة الجدوى الاقتصادية التي أخذت وقتاً طويلاً نتيجة التغييرات بسعر الصرف على حد زعمهم، لكن للأسف خرجنا بنتيجة أنه لا يمكن إقامة هذا المعمل لعدم وجود جدوى اقتصادية.
لن أخوض بتفاصيل ذلك مع العلم أن الكثير من التحاليل والشهادات وتقارير الخبراء تؤكد تمتع الحمضيات السورية بأفضل نكهة وطعم على مستوى العالم فضلاً عن كونها ثنائية الغرض ( عصيرية – مائدة) ويمكن استخدام أكثر من ٥٠% من الإنتاج السنوي للعصير، وبعد كل ذلك الكلام يخرج البعض ليقول: “لا جدوى اقتصادية من ذلك”.
لن نذهب بعيداً وسأعطي مثالاً عن إحدى الدول التي كانت تُصدر عصائر الحمضيات، مع العلم أنها لا تنتج الحمضيات بل تقوم باستيرادها ومن ثم تصنيعها وفق مواصفات جيدة وتعيد تصديرها لأسواقنا، ورغم ذلك كانت هناك جدوى اقتصادية بعد احتساب كل التكاليف التي ترافق الاستيراد والتصنيع والتغليف والتصدير.
وهنا لا بد من التوقف عند أصحاب القرار وتوجيه عدد من التساؤلات، منها على سبيل المثال: لماذا نكتفي فقط بوضع حجر الأساس لأي مشروع ونحول عدداً من المعامل التي كانت ناجحة إلى معامل لا تحمل أي قيمة اقتصادية بحجج واهية لا تقنع أحداً؟ .
يبدو أن دراسة الجدوى الاقتصادية تتوقف عند وضع حجر الأساس بدون دراسة الجوانب الاقتصادية الفعلية التي من شأنها أن توفر فرص العمل والإنتاج وتأمين حاجة السوق للوصول فيما بعد لتصدير الفائض وتحقيق الريعية الاقتصادية.
ما نحتاجه اليوم آلية جديدة عند دراسة أي جدوى اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الراهنة والاعتماد على الرقم الصحيح للخروج بنتيجة سليمة على الورق والواقع….
الكنز- ميساء العلي