يعاني القطاع الزراعي في سورية العديد من الصعوبات، وفي مقدمتها مشكلة التسويق والتصريف، حيث يتكرر المشهد ذاته كل عام سواء في تسويق الحمضيات أو التفاح أو الكرز وغيرها من الفواكه و المحاصيل التي ينتظرها المزارعون بفارغ الصبر طيلة العام، فأسعارها لا تُرضي المزارع ولا تنصفه ولا تتناسب مع التكاليف الباهظة التي يتكبدها لشراء السماد والأدوية والتقليم والفلاحة والنقل وأجور العمال، وكذلك النقص في غرف التبريد المناسبة وأماكن التخزين والعربات المبردة وارتفاع تكلفة تخزين المادة في البرادات وتلفها نتيجة عدم توفر الكهرباء لحفظها لمدة طويلة .
أمام هذا الواقع الصعب هناك خيبة أمل وقلق لدى مزارعي التفاح من تأخر بعض فروع السورية للتجارة باستجرار محصول التفاح، إضافة لعزوف التجار والضمّانة- رغم قلتهم- هذا الموسم عن تعهد بساتين التفاح أو تعهدها بأسعار لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج، حيث بدأ بعض المزارعين بتسويق منتجهم إلى سوق الهال لأن التأخر يعني تساقط نسبة كبيرة من الثمار والتسبب بخسارة كبيرة للمنتجين وفتح الباب لتحكم التجار والسماسرة بالأسعار، حيث تصل المادة للمستهلك بأضعاف السعر الذي قبضه الفلاح .
التأخر باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب قد يكلف الكثير أحياناً، فالتسويق المبكر كان يجب أن يحصل في الأول من أيلول حينها كان التفاح ناضجاً وجاهزاً للتسويق، والسؤال: لماذا ننتظر كل عام حتى تقع الأضرار بالمحاصيل لإيجاد الحلول لتبدأ بعدها مرحلة التفكير بالتعويضات وتشكيل لجان للكشف على الحقول والبساتين المتضررة لتقييم وحصر الأضرار؟ ألم يكن من الأولى إيجاد حل للمشاكل التسويق التي تتهدد مواسم التفاح أو الحمضيات سواء إلى الأسواق الداخلية أو الخارجية وغيرها ولماذا لا يتم الاستفادة منها للتصنيع كعصائر أو مربيات أو غير ذلك كالخل؟.
عمليات التسويق لم ترتقِ بعد لأهمية هذه المحاصيل ولم تتناسب مع جهد المزارعين وتعبهم، وهذا انعكس بدوره تدنياً كبيراً في الأسعار، وسبّب خسارة في هذه المحاصيل التي تعتبر ذات أهمية اقتصادية .
انطلاقاً من ذلك يجب إيلاء التسويق أهمية وجدية أكبر من خلال التعاون بين كافة الجهات المعنية من غرف زراعة وصناعة وتجارة لتصريف إنتاج الفلاح عبر تصديره، وتفعيل دور المصدرين وتوسيع دور مؤسسات التجارة والخزن والتسويق بحيث يكون لديها الاستعداد الكامل والحقيقي والفعلي للتسويق وتعزيز تنافسيتها ودورها الاقتصادي، بالتوازي مع تحقيق هامش ربح حقيقي للفلاح.
أروقة محلية -بسام زيود