حطمت حرب تشرين التحريرية أسطورة العدو الذي لا يقهر وأفشلت كلّ المخططات الصهيونية وقلبت حساباتها وهزّت ثقة الإسرائيليين بجيشهم المحتل وحكومتهم وأصابتهم بصدمة ما زالت آثارها حتى اليوم، وأسست لمرحلة جديدة من المواجهة مع العدو الصهيوني الذي أثبتت الحرب هشاشتة وضعفه رغم الدعم الأميركي والغربي اللامحدود، فجاءت الحرب لتعري زيف ادعاءاته ولتبرهن للعالم بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
النقطة الأساسية التي أرستها حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد هي انتزاع زمام المبادرة من يد العدو الإسرائيلي ولأول مرة، في تاريخ العرب الحديث، فالقرار التاريخي في السادس من تشرين الأول عام 1973 يعتبر القرار الأكبر والأخطر شأناً لا في تاريخ العرب المعاصر فحسب وإنما في تاريخ العالم المعاصر أيضاً ما شكل صدمة لإسرائيل وحلفائها، وأحدثت انقلاباً في مقاربة دول الاستعمار الكبرى للإرادة العربية، وغيرت مجرى التاريخ بالنسبة لسورية وبالنسبة للشرق الأوسط بأسره، فالانتصار العربي على إسرائيل محى شعور الهوان عند العرب، ولعلّ أهم النتائج التي حققتها الحرب هي تحرير الإرادة العربية وتخليص الشعب العربي من شوائب الضعف واليأس التي علقت به بعد حرب حزيران 1967.
لقد أظهرت حرب تشرين أهمية وفاعلية التضامن العربي وإمكانية حشد الطاقات العربية وعمقت حركة التحرر الوطني العربية التي دخلت مرحلة جديدة كما أثبت قدرة وكفاءة المقاتل العربي على القتال، وهذا دليل آخر على أن الإنسان هو العامل الحاسم في المعركة.
نعم لقد حررت الحرب كما قال القائد الخالد المؤسس حافظ الأسد نفس الإنسان العربي من بذور الشكّ والريبة وسموم القلق والخوف، وأعادت إليه ثقته بنفسه واعتزازه بشخصه وأمته وارتباطه بأمسه ويومه وغده، وحلّت عقدة الذنب والشعور بمرارة الهزيمة والتقصير، وأحيت في أعماقه الأمل والرجاء، وبعثت فيه القوة والجرأة، والقدرة على الصمود والتحدي والفعل.
لقد شكّل انتصار تشرين على العدو الصهيوني في 1973 فاتحة لانتصارات جديدة و متلاحقة عليه وسقوط للأوهام والأساطير التي كانت إسرائيل تنسجها.
في ذكرى الانتصار الذي يمرّ يوم غد بوصفه المنارة التي سيظلّ الأجيال يهتدون بها، يصرّ بواسل الجيش العربي السوري على استعادة الحقوق المغتصبة واستكمال مسيرة التحرير من مشاريع التوسع والهيمنة والتقسيم التي يقودها المحتل الأميركي والتركي وأجندات ميليشيات الانفصال.
أروقة محلية -بسام زيود