منذ نحو عشر سنوات، وكانت الحرب العدوانية على سورية قد اشتد وقعها وبدأت باقتلاع أرواحنا قبل أن تقتلع الحيوات من حولنا .. تاركة لنا قليلاً من فسحة أمل أن كل شيء له نهاية ولابد أن يكون لهذه الحرب نهاية .. وزعت سنيني على جزئين .. في رحلتي الصيف والشتاء .. بين قريتي الجبلية الساحلية ومدينتي الدمشقية الشامية .. وحسبت أن يكون لذلك الأثر الكبير في تحمل ما يجري واستمرار انتعاش الأمل .. بنهاية الحرب وعودة الحياة ..وما زلت أنتظر..
لم تنته الحرب .. ويكاد ينتهي الأمل .. لو لم نكن محكومين به كما أبدع وابتدع الراحل الكبير سعد الله ونوس ..
الذي انتهى فعلياً كما أرى وألمس هو الفرح .. !!.
لا فرح في حياتنا .. أو على الأقل أنا لا ألمسه .. و لا أراه .. حتى لو بحثت عنه في طيف ابتسامة سعيدة على محيا رجل أو امرأة .. شاب أو شابة .. حتى الأطفال الذين يعيشون معظمهم في ظل كآبة الأهل .. وحديثهم المستمر … المختنق بغصة ضيق الحال .. والتفكير برغيف اليوم التالي ..
عندما بدأت نظام حياتي بواقع رحلتي الصيف والشتاء .. كنت متفائلاً إلى حد ما .. ومارست الحياة بشيء من شغف .. فزرعت التفاح والزيتون وأنتجت الفواكه .. ويا ليتني لم أفعل .. هذا كل ما تقوله لي التجربة .. بصدق وحقيقة بعد عشر سنوات تشكل الشطر الغالي من الفصل قبل الأخير من العمر .. الفصل الأخير هو الموت.
ما زلت أمارس هذه الرحلة.. لكن مع فرق المشاعر.. كنت أمارسها راكضاً إلى فرح وصرت أمارسها هارباً من حزن متوقعاً أشد منه..!!.
في قريتي كما في دمشق.. تكفهر الدنيا من حول حياتنا ..ويغلق الحزن أبواباً على الابتسامة..
أكتب الآن الساعة الحادية عشرة ليل الثلاثاء التاسع من تشرين الثاني مستعيناً بجهاز هاتفي وسط ليل دامس .. حيث زارتنا الكهرباء منذ 12 ساعة لساعة واحدة ..وإن اشتد البرد فليس لدي في هذا البيت ما يدفيء سوى فراش ولحاف..
سأغادر إلى دمشق حيث ينتظرني شتاء بكامله بلا تدفئة ..
معاً على الطريق- أسعد عبود
As.abboud@gmail.com