يليقُ بسورية اليوم هذا البهاء كلّه وهي تتلألأ في سماء دبي بعراقتها وفنّها وتراثها العربي الأصيل الذي يمتد بظلاله ليطال الإنسانية جمعاء.
فاليوم في إكسبو دبي 2020 – هذا الحدث العالمي الضخم الذي يعتبر مثالاً مصغراً لكوكب الأرض، حيث تشارك فيه / 192 / دولة – يتم الاحتفاء في الجناح السوري باليوم الوطني للجمهورية العربية السورية ضمن ما يعرف بالأيام الوطنية للدول المشاركة بالمعرض، وسوف تقام مجموعة أنشطة ثقافية وفنية متنوعة أعدّ لها فريق الجناح السوري بالتعاون مع السفارة السورية والأمانة السورية للتنمية، والجميل في هذه الأنشطة أنها تختصر الجوهر الثمين لسورية الذي استطاع أن يبقى بديعاً وبرّاقاً ومؤكداً للعالم أجمع أنه أقوى من الأعاصير كلّها، فهذا الجوهر السوري العظيم سوف يغوص في دبي اليوم إلى عمق التاريخ والحضارة السورية، وصولاً إلى بطولات عاصرناها استطاعت أن تنقذ البشرية، ليجري التطلع بعد ذلك إلى مستقبلٍ مشرق غني خصب ومعطاء.
فالغوص في عمق التاريخ والحضارة السورية جاء من خلال قيام الجناح بعرض أول ترنيمة حوريّة عرفتها البشرية بإيقاعات موسيقية ساحرة، عبر عرض بصري جذّاب، وهي أقدم تدوين موسيقي يعود تاريخه لأكثر من 3500 عام، حيث نقشت بالكتابة المسمارية الأوغاريتية ومخصصة لآلهة الحدائق “نيكال” وجدت على ألواح طينية أثرية في أوغاريت (رأس شمرا) في مدينة اللاذقية.
كما يقوم الجناح السوري بأداءٍ حي لفن الخط العربي طوال اليوم للتعرف على تطور أنظمة الكتابة البدائية والأبجدية الأولى.
أما البطولات التي عاصرناها واستطاعت بالفعل أن تنقذ البشرية فتمثلت بما فعله أولئك الأبطال السوريين الذين تمكنوا من الحفاظ على البذور التي كانت في بنك إيكاردا للبذور في حلب وأنقذوها من التلف والدمار، حيث يضم ذلك البنك أكبر تشكيلة متنوعة من المحاصيل الزراعية من منطقة الهلال الخصيب، وهي المنطقة التي شهدت نشأة الزراعة، ويحتوي البنك على آلاف الأقارب البريّة للمحاصيل الغذائية الأساسية، مثل القمح والشعير والعدس والفول والفاصولياء وما إلى ذلك.
عيّنات البذور التي تمكن علماء وخبراء سوريين من إنقاذها هي لنباتات محلّية تعدّ من التراث الزراعي لسورية والمنطقة، عبر نقلها من بنك بذور حلب إلى القبو الذي يسمى مستودع يوم القيامة .. أو مستودع نهاية العالم، أو سفينة نوح، الواقع في إحدى قفار النرويج ذات الطبيعة المتجمدة في دائرة القطب الشمالي في أرخبيل سفالبارد الذي يبعد عن القطب الشمالي 1300 كم وعن البر النرويجي 1000 كم.
كان لأبطال وعلماء سوريين دور كبير في إنقاذ عشرات آلاف الأصناف من تلك البذور، التي قد تُنقذ العالم يوماً، وقد منحوا جائزة «غريغور ميندل للإبداع» الدولية لقاء هذا العمل.
قصة هؤلاء الأبطال يعرضها الجناح السوري في اكسبو.
واليوم.. اليوم الوطني لسورية في اكسبو دبي 2020 يتضمن طقوساً احتفالية أخرى منها حفل تحية لروح الفنان الكبير صباح فخري للاحتفاء بفن القدود الحلبية المرشح للتسجيل على قوائم اليونيسكو للتراث الإنساني.
يتضمن اليوم الوطني أيضاً إطلالة على المستقبل عبر اجتماع عمل مخصص لعرض الفرص الاقتصادية التي تقدّمها سورية للمستثمرين، وسيكون ( الاجتماع ) تحت عنوان ( سورية بوابة العبور للعالم )
إنها الحقيقة الناصعةالتي لم تستطع السنوات السوداء العشر تلويثها ولا زعزعتها .. رغم كلّ المحاولات البائسة التي كانت – ولا تزال – تنتهج سبل اليأس والإحباط، وتنسى هذه الحقائق التي ترفعها الامارات مشكورة اليوم بكلّ هذا العنفوان في سماء دبي وأرض اكسبو.
على الملأ – علي محمود جديد