الثورة :
تستمر المؤسسات والجمعيات المهتمة بقضايا النساء، بأنشطتها المتعلقة بـ١٦ يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تتنوع تلك الأنشطة بين مواد إعلامية مكتوبة أو مصورة، وجلسات توعية قانونية وصحية، ما يفتح نافذة اهتمام ووعي في المجتمع ليس بين النساء فقط وإنما بين الناس جميعاً رجالاً ونساء حول مخاطر استمرار الكثير من العادات والسلوكيات والقوانين التي تؤسس للعنف وتحميه وتسمح باستمراريته، فالعديد من أنواع العنف ليست نابعة من طبيعة الرجال وإنما من تنميط المجتمع لأدوارهم في الحياة، وبناء عادات وتقاليد تدعم ذلك العنف، لو أخذنا مثالاً على زواج الصغيرات، هل يقبل الأب بطبعه أن تنتقل ابنته الطفلة إلى بيت رجل غريب، من دون أن تكون مكتملة الشخصية والبنية الجسدية؟ أم إن المجتمع زرع هذا النوع من الزواج وكرسه، بحجج عدة منها إعالة الفتاة، أو حمايتها من رغبات جسدها وغيرها من الأسباب غير الواقعية لو تابعها الأهل لاكتشفوا عدم صحتها، فلو عادت الابنة الى بيت أهلها مطلقة مع أطفالها ستزداد الإعالة على الأهل، أو إذا تركت المدرسة ولم تحصل على عمل ستستمر في حاجتها لإعالتهم.
على تلك الجمعيات المهتمة ومعها الإعلام التوجه بتوعيتها الى الناس جميعاً رجالاً ونساء، للعمل معاً لوقف العنف في حياتهم، وحياتهن، فالمجتمع الذي سمح للرجال بالعنف، لم يحصن النساء منه، وقد تمارس النساء العنف على غيرها من النساء أو على الرجال في محيطها، بنفس طريقة الرجال بحال امتلكت سلطة سحب الحقوق من الآخرين.
إن العمل لمواجهة العنف لابد من أن يكون موجهاً للجميع، وإلا قد تؤذي المرأة نفسها، فهي إن أرادت أن ترفض ضرب زوجها لها ولأولادها عليها أيضاً أن تعرف متى تذهب للطبيب، أو مخفر الشرطة، أو المحامي، من دون أن تعرض نفسها وأولادها لخطر التشرد، وعلى مقدمي خدمات الحماية من مراكز ومحامين واختصاصيين نفسيين واجتماعيين أن يكونوا جاهزين لتقديم خدمات الحماية.
إن برامج الحماية يجب أن تكون ثمرة تمكين للجميع، لنمضي معاً لمعرفة حقوقنا والمطالبة بها والقدرة على الحصول عليها، الوصول الى حياة آمنة لنا جميعاً رجالاً ونساء.
عين المجتمع – لينا ديوب