عشر سنوات ونيف والشعب السوري يتعرض إلى جانب الحرب الإرهابية، لحصار اقتصادي جائر وسرقة موارده من قمح ونفط وغاز، فلا هو قادر على استيراد حاجاته بسبب الحصار ولا استثمار موارده التي يسرقها كل من الاحتلالين الأمريكي والتركي عبر أدواتهم الإرهابية والانفصالية، ولكن الأمم المتحدة التي تصدع رأسنا يومياً بالقلق على حال السوريين الذين تفاخر المنظمة الدولية بتعداد ملايينهم المحتاجين، تدير ظهرها إلى هذا الحصار والاحتلال فلا ترى تداعياته على السوريين التي تزداد يوماً بعد يوم.
نعم نستطيع نحن السوريين أن نعدّ على مسامع الأمم المتحدة ومجلس الأمن عدد الجلسات التي تم عقدها خصيصاً لتمديد قرار تمرير “المساعدات الإنسانية” للسوريين عبر الحدود بعيداً عن أعين الحكومة السورية في إصرار فاضح على انتهاك ميثاق الأمم المتحدة، من دون أن يكلف مجلس الأمن نفسه بعقد جلسة واحدة مخصصة لرفع الحصار والعقوبات غير الشرعية وإنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي للأراضي السورية والتي تشكل انتهاكاً موصوفاً لجميع قرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة.
إن إصرار الدول الغربية عبر الولايات المتحدة الأمريكية ومعها المنظمة الدولية على تمرير المساعدات عبر الحدود يعطي مؤشراً واضحاً بأن تلك الدول لا تهتم للسوريين الذين ضحوا وحموا بلدهم وهزموا الإرهاب، وإنما تريد فقط تقديم الدعم والمساعدات وما يُمرر عبرها ومعها لمن يعارض الدولة السورية ويحاربها بدعم من واشنطن وأنقرة.
لايستطيع السوريون أن يتفهموا كيف للأمم المتحدة التي يعبر مسؤولوها، كبارهم وصغارهم، عن قلقهم على حال الشعب السوري ووضعه الاقتصادي والمعيشي الصعب، أن تتقاعس عن شجب وإدانة استمرار واشنطن في فرض عقوباتها على الشعب السوري خارج إطار منظمة الأمم المتحدة وفي انتهاك فاضح لميثاقها.. ولا يمكن أن يفهموا تغاضي المنظمة الدولية عن احتلال الولايات المتحدة لمناطق في سورية وكذلك احتلال النظام التركي لمناطق أخرى من دون أن تقود المنظمة جهوداً دولية لإنهاء الحصار والاحتلال، سوى شراكة في الجريمة التي ترتكب بحق السوريين وتفاقم مصاعبهم المعيشية.
من المؤسف أن يصل السوريون إلى قناعة بأن مسؤولي المنظمة الدولية يرتدون نظارات السياسة الأمريكية عند النظر إلى الوضع في سورية، وينطقون بلسان المتحدث باسم خارجيتها ولا يجدون حرجاً في التماهي مع سياسات الهيمنة الأمريكية على حساب دور المنظمة وسمعتها وعلى حساب الشعب السوري.
لاشك في أن الأمم المتحدة بكافة منظماتها تدرك جيداً الأسباب الحقيقية لوجود القوات الأمريكية المحتلة في سورية، فقد عبر مسؤولو البيت الأبيض صراحة عن أهدافهم (السيطرة على النفط والغاز وحرمان الحكومة السورية منها وليس من بينها بالتأكيد محاربة داعش) وكذلك يفعل النظام التركي، فلماذا هذا الصمت الأممي المريب؟
إن ما تحقق من إنجازات في الحرب ضد الإرهاب في سورية ولاسيما ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين لم يحصل لولا تضحيات الجيش العربي السوري وحلفائه ولولا صمود الشعب السوري، ولا تملك أي جهة ادعاء غير ذلك، وأي ادعاء أمريكي بمحاربة التنظيم هو ادعاء كاذب يثبته النشاط الداعشي المتزايد انطلاقاً من مناطق الاحتلال الأمريكي في قاعدة التنف، التي تشكل مصدر إنعاش للتنظيم الإرهابي كلما تعرض لاندحار أمام الجيش العربي السوري.
سورية اليوم لا تحتاج من الدول الغربية والأمم المتحدة مؤتمرات وبيانات، وشعبها لايحتاج مساعدات عبر الحدود، فجلّ ما تحتاجه سورية وشعبها إنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي غير الشرعي ورفع الحصار، وعندها فقط ستكون خيراتها ومواردها كافيه للسوريين وتفيض خيراً على الجيران، وكافية لإعادة الإعمار والبناء، وخلال سنوات قليلة تستعيد البلاد عافيتها بجهود أبنائها وخير مثالٍ على ذلك ما تشهده مدينة حلب اليوم.
إضاءات- عبد الرحيم أحمد