الثورة – فاتن أحمد دعبول:
حكاياتهم ليست كالحكايات وليست هي من بنات الأفكار ونسج الخيال، بل هي بوح أم وفخر أب ودمعة نصر، وهي وثيقة للعالم أجمع كتبها الشهداء بمداد من أرواحهم ودمائهم الطاهرة النبيلة.
وانطلاقاً من المسؤولية التي يضطلع بها اتحاد الكتاب العرب أمام من رحلوا من شهداء الوطن أطلق كتاب “حكايات أثيرة، نفوس أباة وغد مأمول” المشروع الوطني الإبداعي لتوثيق بطولات الجيش والشعب العربي السوري” في جزئه الأول، كعمل أدبي يكون شاهداً تاريخياً على الحرب الظالمة التي شنت على سورية، وتروي هذه الحكايات للأبناء قصص البطولة والإباء عبر زهور سقت برحيقها عطش الوطن، فأينع نصراً وظلالاً يستظل بظلها كل وطني أبيّ.
عمل توثيقي .. إبداعي
وبين توفيق أحمد نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه تم تكليف عدد من أعضاء اتحاد الكتاب العرب برصد بطولات شهداء وجرحى الجيش العربي السوري، وكان هذا المشروع واحداً من المشاريع الكثيرة لتطوير العمل، وقد استطاع الكتاب عبر بحثهم الدؤوب في المدن والقرى وعبر ذوي الشهداء وأصدقائهم أن يوثقوا لحجم الخراب الذي ألم بوطننا وحجم المؤامرة التي حيكت ضده، وكان العمل بإشراف الكاتب نصر محسن، والكتاب مؤلف من ثلاثة محاور” جرحى، شهداء، إرهاب” وسيكون هناك جزء ثانٍ، وهو عمل توثيقي بأسلوب أدبي شائق، وثمة مشروع لتحويل هذه الحكايات إلى فيلم سينمائي أو عمل درامي.
صمود وانتصارات
وتوقف نصر محسن المشرف على المشروع عند أهم ما جاء في الكتاب من قصص واقعية تناولت صمود وانتصارات الجيش العربي السوري وإحباطهم لمشروع تدمير سورية والمشروع الاستعماري الإرهابي وصمود الشعب الذي أفشل مخطط تقسيم سورية، هذا الصمود في وجه الإرهاب الذي لا يقيم وزناً للقيم والمعايير الإنسانية، دفع ثمنه أبطالنا أرواحهم من أجل أن تبقى سورية حرة عزيزة.
وأضاف: لقد بذل الكتّاب جهوداً كبيرة في توثيق هذه البطولات، فقد كان عملهم ميدانياً بحتاً، ينتقلون من بيت جريح إلى بيت شهيد، ثم تصاغ المعلومات بشكل أدبي يليق ببطولاتهم، وأتمنى أن يترجم هذا العمل وأن يكون هناك أكثر من صنف أدبي” شعر، رواية ..”.
الرافعة الأساس
وفي كلمته بين الأديب سهيل الديب مقر جمعية القصة والرواية أن اتحاد الكتاب العرب هو الراعي الأكبر والأهم لاحتضان الثقافة والمثقفين، والثقافة لا شك هي الرافعة الأساس لبناء الأمم والحضارات البشرية، والأمم العظيمة تخلد أدباءها وشعراءها ومفكريها، فالقيمة الفكرية والثقافية التي بنوا عليها أمجادهم هي قيمة معرفية، وكثير منها ساهم في تطوير المجتمعات إلى ما يحقق سعادة الإنسان.
ونوه بدوره إلى فوز بعض أعضاء الجمعية بجائزة حنا مينه وقدم الشكر للأديب نصر محسن على جهوده الكبيرة في الإشراف على كتاب” حكايات أثيرة”.
المشاركون: حكاياتنا
لم يقتبس سمير عدنان المطرود مقرر جمعية المسرح حكايته من وهم خيال، بل عايشها شخصياً في حصاره في عدرا العمالية، وتلك المعاناة التي واجهها من وحشية الإرهاب والمرتزقة، يقول:
الكتاب وثيقة للأجيال القادمة كي يروا ويقرؤوا ويعرفوا ما حدث في هذه السنوات العجاف من ممارسات أبشع أنواع العدوان ضمن ما يسمى الحرب الكونية على جغرافية سورية، إن أرض سورية أمانة في أعناقنا فكما وصلت إلينا حرة أبية، سنوصلها إلى الأحفاد حرة أبية ما دام هناك جيش قوي صامد وقيادة حكيمة تقود البلاد إلى الحرية والنصر وتحرير الأراضي المغتصبة.
ويوثق الأديب حسن إبراهيم الناصر تلك الملحمة البطولية التي قدمها كوكبة من الشهداء في قريته معان، ريف حماة، ومن بينهم” والده ووالدته وأخته” يقول:
عنوان قصتي” أنين الروح” تحكي قصة أهلي الذين استهدفهم العدوان في بيتهم، فكانوا شهداء، وأرى من واجب كل أديب أو فنان أن توثيق قامات السنديان من الأسرى والجرحى والشهداء، ويسجل لاتحاد الكتاب العرب متمثلاً برئيسه د. محمد الحوراني هذه المبادرة في توثيق بطولات جيشنا وشعبنا.
وبينت الشاعرة ليندا إبراهيم فرع اتحاد الكتاب العرب “طرطوس” أنه منذ صدور الأمر الإداري بتكليف عدد من الكتاب لرصد حالات بطولية نادرة وملحمية لأفراد الجيش والشعب، شعرت بالمسؤولية وتواصلت مع ذوي الشهداء وأصدقائهم حتى ألمّ بتفاصيل عملية الاستشهاد، فأوثق القصة حسب الوقائع كما حدثت ومن فم أصحابها، ومشاركتي كانت في ثلاث قصص تركت كبير الأثر في نفسي.
وتقول نبوغ أسعد إنه ورغم غصة الألم في نفوسنا، كان لنا شرف المشاركة في توثيق الكتاب، وحاولنا أن يكون لنا بصمة من خلال الحديث عن بعض جرحى الحرب والمخطوفين والشهداء، وبعض هذه الأحداث كانت رؤيا العين وحدثت أمامي، وكل ما أتمناه الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى.
مكرمون
وفي ختام حفل إطلاق المشروع الوطني لتوثيق بطولات الجيش والشعب العربي السوري” حكايات أثيرة” الذي أقيم في مركز ثقافي” أبو رمانة” قام توفيق أحمد نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب وأعضاء المكتب التنفيذي بتكريم نصر محسن المشرف على توثيق الكتاب، والمشاركين من الكتّاب ” انتصار بعلة، انتصار سليمان، أيمن الحسن، حسن إبراهيم الناصر، سمير عدنان المطرود، طلال سليم طه الرحل، عيسى إسماعيل، ليلى صعب، ليندا إبراهيم، محمد أحمد الطاهر، محمد الحفري، محمد خالد الخضر، مضر الجباعي، نبوغ أسعد.
كما تم تكريم الفائزين بجائزة حنا مينه للرواية، فكان الفائز الأول محمد الطاهر عن روايته” موعد مع الشمس” والجائزة الثانية للأديبة نداء حسين عن روايتها” أولغا” وذهبت الجائزة الثالثة للأديبة نجاح إبراهيم عن روايتها” الهوْتة”.
وفي نهاية الحفل تم توقيع كتاب” حكايات أثيرة من قبل المشرف الأديب نصر محسن.