الثورة – فؤاد مسعد:
ترجم العديد من الفنانين شغفهم في الوقوف على خشبة المسرح من خلال أعمال عكست لواعج روحهم وشوقهم وتوقهم للعمل ضمن محرابه، حاملين بين ضلوعهم ما يكنون له من حنين ووفاء وإخلاص، وقد حُفرت في الذاكرة أسماء كثيرة لنجوم اعتلوا خشبته وقدموا أهم الأعمال (محمود جبر، دريد لحام، رفيق سبيعي، عمر حجو، طلحت حمدي، هالة شوكت، منى واصف، جهاد سعد.. وتطول القائمة) وأتى من يكمل المسيرة من فنانين عجزت النجومية عن سرقة روحهم لتبقى وقّادة على خشبة أبي الفنون رغم كل ما يعانيه من صعوبات.
ومن الفنانات اللواتي ارتبط اسمهن بالمسرح بشكل وثيق لفترة طويلة الفنانة الكبيرة منى واصف التي سبق ولُقّبت بسيدة المسرح، عن تلك المرحلة تقول: (ارتبط شبابي بالمسرح الذي أعطاني الكثير، كنت أصعد يومياً على خشبته إما للعرض أو لإجراء البروفات) مؤكدة أن المسرح شكّل بالنسبة إليها حالة عشق، فالوقوف على خشبته يشعرها وكأنها ملكة (إن ظهرت بدور خادمة أشعر وكأني ملكة).
ومن الفنانات اللواتي سبق ووقفن على خشبة المسرح عبر العديد من الأعمال الفنانة سلمى المصري، التي أكدت أن الفنان دائم الشغف للمشاركة في أعمال مسرحية، ولكن إنجاز عمل مسرحي هام بحاجة إلى مقومات أساسية والعديد منها غير متوفر كندرة النصوص والشح المادي، تقول: (عندما نقول إننا نريد إنجاز عمل مسرحي يشارك فيه نجوم فهو أمر يحتاج إلى تكلفة مادية ابتداء من النص فالإخراج وأجور الممثلين، وحتى إن لم يطلب الممثلون النجوم الأجور العالية ولكن فلتكن الأجور مناسبة، وإن تحقق ذلك فعلاً فما ثمن البطاقة؟ خاصة أن غالبية رواد المسرح بات لديها اليوم أولويات أخرى، فالمواطن عوضاً من شرائه بطاقة دخول مسرح ستكون أولويته تأمين الحاجات اليومية لعائلته، أضف إلى ذلك أنه ليس هناك نصوص فهل من المناسب العودة إلى الاستعانة بنصوص مترجمة في الوقت الذي نحتاج فيه إلى عمل يشبهنا ويلامس الناس ونابع من بيئتنا ويحكي عن همومنا ومشكلاتنا، كما أن التلفزيون أخذ الجمهور من المسرح الذي لن يذهب إليه إلا إن كان هناك عمل يستحق).
المسرح كان ولايزال حلم الكثيرين، ولكن قلائل من يلجون عوالمه، ولعل أكبر جائزة يتلقاها المسرحيون هي تفاعل الجمهور معهم خلال العرض ما يجعلهم يصلون إلى مرحلة السلطنة في الأداء، لذلك يبقى المسرح فعل حياة، ومن أبرز الفنانين الذين واظبوا خلال السنوات الأخيرة على إخراج أعمال للمسرح الفنان أيمن زيدان الذي أخرج منذ عام 2013 مسرحية (دائرة الطباشير) و (فابريكا) و (اختطاف) و (ثلاث حكايا) وأخيراً (سوبرماركت)، ويضاف إلى ذلك كله ما أنجزه عبر مراحل مسيرة عطائه من أعمال على خشبته، وقد أشار في أكثر من لقاء إلى مكانة المسرح لديه مفصحاً عن سر علاقته فيه (لاأزال أبحث عن مكان وسط التحديات أقدر فيه أن اتنفس وأعبر عن جزء مما أحسه) موضحاً سبب حرصه للعمل ضمن إطاره (أعمل في المسرح كي لا أشيخ لأنه يفرض عليك أن تعيد مراجعة كل معارفك وقراءاتك، فتنهمك في صناعة حلم وحياة على هذه المساحة الخشبية). وضمن هذا الإطار لابد من الإشارة إلى فنانين يسعون ليكون لهم ولو عمل مسرحي واحد كل عام، ومنهم الفنان لجين اسماعيل الذي أكد سعيه إلى تحقيق توازن في آلية عمله.. مشدداً على أهمية تقديم عمل مسرحي كل عام، في حين أشارت الفنانة رنا جمول إلى أن لا شيء يغنيها عن الوقوف على خشبة المسرح والتفاعل مع الجمهور.