الثورة – رشا سلوم
شهدت الدراما تطوراً مهماً في الإنتاج كماً ونوعاً، وتعددت المدارس الإخراجية التي أنتجتها ومن الطبيعي أن تتطور التقنيات وأساليب وأدوات الإخراج التي تجعل العمل الدرامي شكلاً جاذباً آخذاً بغض النظر أحياناً عن المضمون الذي يقدمه.
وكم من عمل درامي لم يكن مستواه الفكري على المستوى الذي ينتظره المشاهد لكنه استطاع بإخراجه أن يشد الجميع إليه ويبهرهم.
وفي مدارس الإخراج هذه ثمة الكثير مما يقال ولا سيما في الدراما السورية التي غدت معلماً مهماً من معالم الصناعات الثقافية.
من هنا تأتي أهمية الدراسات التي تتناول قضايا الإخراج ولاسيما الصوت والصورة.. الاستاذ والناقد الفني أنور محمد يقدم كتابه المهم في هذا المجال فقد صدر ضمن سلسلة “مسارات فنية” كتاب (جدل الصوت والصورة في الدراما التلفزيونية السورية) عن الهيئة العامة السورية للكتاب
يرى أن المسلسلات السورية التي تُقدّم الآن؛ وإن كانت لها سمعتها الطيبة، وهي كثيرة ومتنوعة من التي تتأسس على المفارقات المضحكة، إلى التي تقوم على الفاجعة منها المعاصرة أو التاريخية، إلى تلك التي تكرر حكايات غيرها، وتقوم على الإلقاء/الحوار، وليس على صنع صورة فنية تسحر/تدهش، إنما هي مسلسلات يغلب عليها الصوت أكثر من الصورة، ولتسدّ حاجة ليس للمستهلك، المشاهد، بل لهذه الأقنية الفضائية التي صارت وحشاً له مليارات الأنياب، فيفكّ ذاك التلاحم الأسري الذي كانت تدعو إليه القنوات الأرضية العربية قبل زمن القنوات الفضائية.
بينما؛ نتذكر: أسعد الوراق، ودليلة والزيبق، وحمام الهنا، وصح النوم… إلخ، نرى أنها كانت مسلسلات في جانب من دعواها الأخلاقية والاجتماعية تقوم أيضاً بالترويح – فتؤكد ذاتنا، فلا نذوب كالملح أو السكر في ماء الأفكار السطحية، والصراعات المفتعلة، وقصص الحب السياحية، والبطولات الكاذبة كما في كثير من هذه المسلسلات على (نظافتها). حتى الآن لم تقم العين/عيوننا في المشاركة في الفكر – التفكير بالصورة التي نراها، فلا الواقعي منها واقعي، ولا الخيالي خيالي، بل إن فكرنا صار يهرب، يتبخر من سذاجة الخطاب الدرامي الذي يستهين بعقلنا.
كتاب (جدل الصوت والصورة في الدراما التلفزيونية السورية) تأليف: أنور محمد، يقع في 221 صفحة من القطع الكبير، صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2021.
دراسة مهمة تسد ثغرة في مجال الدراسات الفنية التي تتناول الدراما السورية.