ربما للمرة الألف نعيد القول : إن الإعلام لم يعد ناقلاً للحدث أبداً، بل هو شريك به، وصانع للكثير من الوقائع تهيئة للأسباب أو إضرام نار في الكثير مما يجري، لاسيما المشهد السياسي في العالم، وهنا علينا أن نستحضر ما قاله وزير الدفاع الروسي منذ أيام : روسيا تتعرض لحرب معلومات، ويجب ألا تخسر هذه الحرب، نعم هي حرب بكل ما في الكلمة من شحن سلبية، الحرب لم تعد طلقة بندقية، ولا مدفعاً، ولا صاروخاً ينهي الأمر، هي هذا كله، والإعلام بوصلة أي سلاح آخر.
من هنا من حق أي دولة وحكومة أن يكون الإعلام سلاحها الأمضى، تعمل على استثماره إلى أقصى حد يمكن ولكن بما يجعله سلاحاً فعالاً في مواجهة العدو، والنقد الذاتي وصوت الناس الذين يعبر عنهم وباسمهم، وليس بالضرورة أن يكون الصوت دائماً يعجب من يمول الإعلام، ولكن ليس بمعنى أن يكون ضده أبداً، إنما أن يكون أداة نقد وبناء حقيقي، بهذا المعنى أتفهم ونفهم أن يكون الحراك الحكومي السوري مكثفاً نحو التفاعل والتواصل مع الإعلام الوطني الذي أثبت جدارته وقدرته على أن يكون صوت الدولة ومؤسساتها، صوت الناس.
قد توجه إليه ألف ملاحظة، وهذا طبيعي، بل من صميم العمل أن تحدث هفوات، وأن يقع تقصير هنا وهناك، بعضه يعود لأسباب ذاتية، وآخر على الجهات التي تشرف على الإعلام وتموله وتدعمه وتوجهه – هكذا يفترض – أن تكون على بينة بهذا كله، نعرف أن ظروفنا صعبة للغاية، نقدر ذلك ونعمل على تجاوزه، وقد استطعنا إنجاز الكثير من هذا، ولكن يبقى أن تعمل الجهات الإشرافية على القيام بدورها.
قضايا وإشكالات كثيرة يمكن تجاوزها وحلها، وهي مطروحة من فترة زمنية بعيدة، لا تحتاج إلى عناء شديد، ولكنها تحتاج إلى اتخاذ قرار فعلي بالتنفيذ الفوري، وحسب الإمكانات المتاحة، فلا يمكن لإعلامي أن يكون صوتاً قادراً وفاعلاً تماماً، ومازال مشغولاً حتى القلق بقضايا الكثير من أسباب الحياة والعمل، كيف أكون صوت الناس وصوت الدولة والحكومة، صوت الحق، دون تحقيق أدنى متطلبات العمل التي يجب أن تكون، وهي ليست معجزة، بل يمكن تنفيذها كما أسلفنا، نعم علينا أن نكون صوت الدولة والحكومة، والناس، طبعاً بما يخدم قضايانا الأساسية وأن أكون صوت الحكومة، لا يعني أني أصفق لها حين لايجب أن يكون التصفيق مستحقاً أو حين يجب أن يكون التصويب والنقد ضرورة يجب أن يصل إليها.
اليوم بأمس الحاجة أن تقف الحكومة وبسرعة على متطلبات الإعلام والعمل على تنفيذ ما يمكن تنفيذه، لا نطلب المستحيل، لكن من أجل أن يصل الصوت إلى الناس لابد من أدوات الوصول، وهذه ربما ليست على ما يرام.
معاً على الطريق – ديب علي حسن