الثورة – راغب العطيه:
لا تزال الأجواء بين موسكو وواشنطن ملبدة بالنوايا التصعيدية من جانب الأخيرة التي تتلطى خلف مزاعم تتحدث عن نية روسية لغزو أوكرانيا، والتي طالما رفضتها روسيا جملة وتفصيلاً وفندتها بشكل كلي أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي.
ومع نهاية المحادثات الروسية – الأميركية التي تمت في التاسع والعاشر من هذا الشهر في جنيف حول الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا، لا توجد هناك بوادر تهدئة من جانب الغرب الذي يعمل على استفزاز روسيا بمناسبة وبغير مناسبة، وكل التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الروس ونظرائهم الأميركيين تعكس حالة الضبابية التي تسيطر على المشهد اللاحق لمفاوضات جنيف التي لم تعمل على تدوير الزوايا ولا تجميل الأمور بغير حقيقتها، كما يوازي ذلك الترقب على الساحة الدولية بشكل عام، وذلك لأن أي زيادة في التوتر بين الجانبين ينعكس بشكل مباشر على المجتمع الدولي بشكل عام، وذلك لأن الدولتين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة من أوائل الدول التي يقع على عاتقها حفظ السلم والأمن الدوليين.
وما قاله المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: بأن موسكو لا ترى حتى الآن داعياً للتفاؤل بشأن نتائج المحادثات الروسية – الأميركية الأخيرة، يؤكد الموقف المعلن من جانب روسيا، لأن المهم في المفاوضات هو النتائج، وليست عملية التفاوض في حد ذاتها، وهذا غير متحقق حتى الآن.
وفي سياق التصريحات والتصريحات المضادة أكدت السفارة الروسية بواشنطن رفضها التصريحات الأميركية القائلة إن موسكو قد تغالط بشأن مسار المحادثات الأخيرة في جنيف، معتبرة أن نهج الولايات المتحدة يظهر تدني ثقافة التفاوض، ودعت السفارة الأميركيين إلى التخلي عن المضاربات التي لا أساس لها من الصحة في العلاقة بشركائهم في المحادثات، معتبرة أن هذا النهج يظهر تدهور ثقافة التفاوض.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي قالت في وقت سابق : “إن الولايات المتحدة لا تتفاجأ إذا ما تعمدت روسيا التضليل بشأن نتيجة المحادثات في جنيف بشأن الاستقرار الاستراتيجي”، الأمر الذين يبين بشكل واضح أن الأميركيين يحاولون إحاطة المحادثات بأجواء عدم الثقة بين الجانبين.
وفي ذات السياق قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي: إن الجانب الروسي قدم للأميركيين بشكل مفصل مقترحاته وأوضح لهم لماذا يمثل الحصول على ضمانات حقوقية لعدم توسع الناتو ضرورة تامة، ولماذا لا بد من حصول روسيا على ضمانات حقوقية لعدم نشر منظومات ضاربة قرب حدودها قادرة على إصابة أهداف في الأراضي الروسية، ولماذا تم طرح مسألة وجوب تخلي الناتو عملياً عن الانتشار المادي في الدول التي انضمت إلى الحلف بعد العام 1997، أي بعد التوقيع على اتفاق روسيا الناتو.
ريابكوف أكد أن الوضع “ليس ميؤوساً منه” فيما يخص آفاق حل القضايا العالقة، مشيراً إلى أنه عندما تؤكد قيادة الاتحاد الروسي أن هناك حاجة إلى ردود عاجلة وفورية، فهذا ليس تعبيراً رمزياً وليس مبالغة، لافتاً إلى أن الأيام القريبة سيتم خلالها تحديد ما إذا ستنعقد جولة جديدة من المفاوضات وبأي صيغة ومتى.
كما ذكر ريابكوف: أوضحنا للأميركيين أنه لا خطط لدينا على الإطلاق لمهاجمة أوكرانيا ولا يمكن أن تكون هناك، وكل الإجراءات الخاصة بالتدريب القتالي تجري ضمن أراضي دولتنا.
على المقلب الآخر فقد كانت التصريحات الأميركية متضاربة بين مسؤول وآخر، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على عدم جدية واشنطن بتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التوتر الذي يفتعله الغرب ضد روسيا على كل الساحات وعلى الساحة الأوكرانية بشكل خاص.