وكالات – الثورة – حرر التقرير الإخباري منهل إبراهيم:
هزت المظاهرات في بقاع من القارة السمراء بشعاراتها التي تطالب بخروج القوات الفرنسية من دول إفريقية صورة فرنسا في جميع أنحاء العالم وليس في القارة السمراء فحسب.. الأمر الذي أثار مخاوف المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق الذي أقر بأن صورة فرنسا اهتزت في المنطقة في ظل تواصل المظاهرات التي تنظم ضد تواجدها العسكري في بوركينافاسو والنيجر ومالي.
باريس ومالي على وجه التحديد تمر بمرحلة جديدة من التوترات التي ما فتئت تتصاعد منذ عدة أشهر، إذ تواصل فرنسا الضغط على المجلس العسكري في مالي بالموازاة مع فرض المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” عقوبات واجهها المجلس العسكري بالدعوة إلى مظاهرات ضدها.
قادة منظمة غرب إفريقيا اختارت بدعم من فرنسا طريق التصعيد بإغلاق الحدود مع مالي وفرض حظر تجاري ، فضلا عن تجميد أصولها في بنوك غرب أفريقيا، بعد إعلان المجلس العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي وعدوا بها في 27 شباط لإعادة المدنيين إلى السلطة.
وبدورها لم تخفف باريس الضغط، إذ أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية تعليق رحلاتها من وإلى مالي حتى إشعار آخر، وبينما تتولى فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن الدول السبع والعشرين تعد أيضًا سلسلة من الإجراءات.
وفي رد فوري منه على هذا التطور الجديد، تأسف رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي الكولونيل أسيمي غويتا، في خطاب بثّه التلفزيون الحكومي للطبيعة غير الشرعية وغير القانونية وغير الإنسانية لقرارات معينة، لكنه أكد أن مالي تظل منفتحة على الحوار مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لإيجاد توافق في الآراء بين المصالح العليا للشعب المالي واحترام المبادئ الأساسية للمنظمة”.
ويتفق رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق، إيمانويل ديبوي مع هذا الطرح، إذ يرى أن هذه “العقوبات لا تتناسب بشكل كامل مع بنود اتفاقية أبوجا” التي أسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في عام 1975، وهي عقوبات ناتجة عن “أجندة سياسية” للمجموعة وكذلك هي خاضعة “لتأثير خارجي من دول تريد معاقبة السلطة العسكرية في مالي”.
ويوضح قائلا: “أولا، لم تشر الاتفاقية في أي بند إلى إمكانيات إقفال الحدود مع دولة تنتمي إلى المجموعة، ثانيا.. غينيا كوناكري غير معنية بتطبيق العقوبات لأنها استثنيت من التصويت، ثالثا.. اعتبر عدد من رؤساء دول المجموعة هذه العقوبات قاسية، من بينها نيجيريا وغينيا بيساو وكوت ديفوار وغانا. كما أن هذه العقوبات أظهرت الهوة الكبيرة بين رغبة وميول شعوب الدول الإفريقية ورؤساءها”.
واستجابة لدعوة المجلس العسكري الحاكم، تظاهر الآلاف في العاصمة باماكو ومدن أخرى كتمبكتو وبوغوني، رفضا للعقوبات وتزايد الضغط الدولي للمضي في انتقال سريع للسلطة إلى مدنيين منتخبين.
كما تداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورا لمتظاهرين ماليين حاملين شعارات تطالب بخروج القوات الفرنسية من البلاد، وهو ما يثير مخاوف رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق الذي يقر بأن صورة فرنسا اهتزت في المنطقة في ظل تواصل المظاهرات التي تنظم ضد تواجدها العسكري في بوركينافاسو والنيجر ومالي. وما لا يضمن خط الرجعة هو ما أسماه بـ”مبالغة فرنسا في تركيزها على النظام العسكري في مالي بالمقارنة مع باقي الدول الأوروبية”.
ويضيف، “في الوقت الحالي، لا توجد أي استراتيجية محددة لفرنسا في مالي، هناك غياب تام للحوار السياسي بين الطرفين، ورغبة في تدويل الضغط وإدخال أوروبا في المشاكل، وهذا حل غير موفق، لأنه يضع الدول الغربية في مواجهة السلطات المالية، كما أنه مع فرض العقوبات الجديدة استطاع النظام العسكري تقوية شرعيته بين الشعب المالي”.
ويتابع، “عندما قررت فرنسا مراجعة تواجدها العسكري في مالي في 2021، كانت تحاول ترحيل جهازها العسكري خارج الحدود المالية، لكن هذا لا يعني أنها ستغادر منطقة الساحل بل هي فقط تريد تقوية حضورها في النيجر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في بوركينافاسو، كما أنها بنهاية عام 2023، ستحتفظ بـ1000 جندي فقط في مالي من بين 3000”.
