كيف تلغي صوت المستقبل وخطاباته المحتملة وهو مقدّم على طبق من ذهب على شكل بنية معرفية لاتنحصر في زمان ومكان محدّدين، فقد نما في الماضي وامتدّ نحو المستقبل بغاياته الفكرية والجمالية والمجتمعية…
يأتي قرار إلغاء مناهج تدريس عملاق الأدب الروسي فيودور دوستويفسكي في أوروبا قراراً مجحفاً وهمجياً كسياسة تلك الدول وقراراً سياسياً ونهجاً انتهجته تلك الدول في سورية خلال سنوات الحرب عندما حاربت الفكر والفن والثقافة ودمرّت كل مايرتبط بها بما فيها الآثار…
قرار الإقصاء لأدب دوستويفسكي الذي تعمدّته بعض الجامعات الأوروبية يدلّل على الفكر المتعصّب والرجعي والازدواجية والكيل بمكيالين الذي تعاني منه شعوب العالم من سياسات صهيوأميركية وأوروبية…
الفكر والأدب والثقافة كثيراً ماصحّحت مسار سياسات عالمية وأنظمة كبرى ودُفعت حياة مفكرين وعلماء على مرّ العصور أثماناً في سبيل ذلك ولايزال النهج التكفيري المتعصّب الأوروبي يستمر في ممارساته الظلامية والطغيان والتحكّم بمصائر وحريات الشعوب…
من ألغى دوستويفسكي هو ذاته من قتل خالد الأسعد في سورية وقطع رأس تمثال المعرّي وخرّب الآثار التدمرية، وحاول تغيير الفكر التنويري واستبداله بفكر وهابي ظلامي ودمرّ المدارس والجامعات ومنع كل الطلاب من الوصول إلى غاياتهم…
استحضار حالة “التطهير” وفق أرسطو الذي كاد أن يدفع حياته كسقراط ثمناً لجهل الجهلاء، دافع كبير للتنبؤ بمعالجات تاريخية في عالمنا المعاصر فالمخطئ واضح والمحقّ صاحب رؤية وأيديولوجيا فلسفية واجتماعية وثقافية وإنسانية وتاريخية واضحة وعليه يمكن تشكيل الحقل المعرفي والفكري والإبداعي الذي لاينكسر أو يموت بل يسير ويمتدّ نحو المستقبل…
رؤية -هناء الدويري