لسنا اليوم وفي هذه العجالة بصدد الحديث عن دور السينما في تحقيق الحوار الثقافي بين الدول، والتعريف بحضاراتها والاطلاع على مكونات مجتمعاتها وعاداتهم وثقافاتهم على أهمية هذا الجانب الذي تحققه العروض السينمائية، ولكن ما يثير الاهتمام بعض التظاهرات التي يسعى أصحابها وبمهنية عالية تقديم بعض الرؤى و النماذج المضيئة من مجتمعاتهم، ليقدموا تلك الصورة المشرقة التي تحث الجمهور المشاهد على تقصي أساسات وتقنيات هذه الصناعة التي تزدهر وتتطور بجهود عشاقها والقائمين عليها.
وربما ما تابعناه في الأيام القليلة الماضية في المهرجان السينمائي الدولي الأول للمرأة يؤكد وبشكل جلي أهمية هكذا مهرجانات في نقل ثقافة الشعوب وأنماط حياتهم والاطلاع على ما يجري بعين فنية جميلة تروي قصصاً فريدةً لتجعل من السينما جسراً هاماً للتواصل بين البشر، وتقف عند قواسم مشتركة تجمعهم من القيم والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والخير والجمال، بتجارب مستمدة من الواقع وتفاصيل الحياة اليومية، ما يخلق ذاك التفاعل والتواصل مع الآخر.
واللافت أن يخصص المهرجان الآنف الذكر للمرأة، فالأفلام التي قدمت جميعها من تأليف وإخراج وتمثيل النساء، فهي أفلام أنثوية بشكل كامل، احتفاء وتكريماً لدورها الفاعل في المجتمع، وهذا بالطبع يعطي مؤشراً واضحاً على وعي المجتمعات بتكامل الأدوار بين الرجل والمرأة، بعيداً عن تهميشها وتجاهلها كما يجري في بعض المجتمعات.
ولا يختلف اثنان أن للتظاهرات الثقافية والفنية والمهرجانات السينمائية أهمية كبيرة في تطوير وصناعة الفنون، من جراء اكتساب الخبرات والاطلاع على التقنيات الحديثة لتلك الفنون، هذا إلى جانب خلق جسر من التواصل والوعي وتعزيز الذائقة السينمائية عبر الانفتاح على التجارب جميعها، ما يساهم في رفد الحركة الثقافية والفنية بكل جديد.
والمهرجانات هي فرصة لتقديم حضارتنا أيضاً بأبهى صورها، ونحن من نملك من الإرث والأعلام والنجوم ما يجعلنا ننافس في المحافل الدولية جميعها، فهل نعيد لإبداعاتنا وفنوننا ألقها الذي يليق بها؟
رؤية -فاتن أحمد دعبول