الثورة – حسين صقر:
ما نراه اليوم هو عملية تشويه لفطرة الإنسان السليمة، من خلال برمجته وتحويل مساره الطبيعي عبر بعض التقنيات التي اقتحمت عالمنا الواقعي وحولته إلى كرة عالم افتراضية.
ولأن الطفل هو عماد المستقبل، وبناؤه بشكل صحيح يشكل اللبنة الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، لابد من معرفة الكيفية الحقيقية لبناء ذلك الطفل،
والاطلاع على كيفية توجيهه وقيادته، وتلقينه منهج الحيوات العملية والحسية، ومناهج الحساب و اللغة
و العلوم والتاريخ و الجغرافيا.
وهذا البناء يحتاج إلى منهج وطريق وهو ما يسمى ب”المونتيسوري” والذي يتم من خلاله إعداد معلمين مدركين ومتفهمين لواقع الطفل، وذلك من خلال دراسة حالته النفسية، خاصة وأنه لا يستجيب في معظم الأحيان للعقاب والثواب، إلا بطرق صعبة.
ولهذا تم اعتماد المونتيسوري التعليمي الاحترافي الذي يعتمد على فلسفة ومبادئ خاصة في تربية الأطفال بالاعتماد على معلمات لهؤلاء، و لكل من يهتم بالتعليم المنزلي و المرن، وذلك بالاعتماد على أساليب تعليمية إبداعية وفقاً لعلم الدماغ والأعصاب، و تمارين تراعي الذكاءات المتعددة والفروق الفردية بين الأطفال، بعيداً عن النظريات المعقدة مع مراعاة الطبيعة والفطرة، وتحمل المسؤولية وحل المشكلات واتخاذ القرار عند الأطفال، بالإضافة للتدريب على فلسفة الصبر والتركيز.
وفي هذا السياق أكدت المدربة نغم حسن المختصة بالتدريب على هذا المنهج أن المنتسوري
هو منهج لتعليم الأطفال و التعامل معهم ابتكرته الطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري و يهتم بتربية الأطفال و تعليمهم من مرحلة الولادة وعبر مراحل طفولتهم، وقد بنت نظرياتها من خلال ملاحظتها القريبة للأطفال، و على هذا الأساس استنتجت بعض الأهداف التي تقول: إن الطفل كي يتعلم لا يجب أن يخاف، ولهذا علينا توفير روح المرح أثناء التعلم.
وأضافت حسن أن الطفل منذ الولادة و حتى ست سنوات من عمره يعمل عقله ليخزن أي معلومة أو خبرة أو مهارة بوعي أو دون وعي منه، ولهذا يكون عقله في هذه المرحلة يسمى العقل الممتص، ولهذا يجب استغلال هذه الخاصية لتعليمه مهارات متعددة و صفات وعادات جيدة.
ونوهت أن الطفل منذ أن يولد يسعى لأن يستقل بذاته و يعتمد على نفسه، فيبدأ أولاً بمحاولاته للحركة حتى يصل الى المشي، ثم محاولاته للوصول إلى الأشياء، ثم ليفعل كما يفعل الكبار، ولهذا يجب علينا كمربين أن نهيأ له عالماً يستطيع فيه الاعتماد على نفسه دون أن يكون هناك أي خطر عليه.
وقالت هذه الأشياء تكون بإشعاره بالتقدير وهي من الأشياء التي يحتاجها، حيث لا يجب أن نقلل من أهمية مشاعره و أحاسيسه و احتياجاته، موضحة أن هناك فترات أو مراحل حساسة يمر بها على مدار فترة طفولته المبكرة، ولهذا يجب على المربي أن يسعى لاكتشاف هذه الفترات ليوفر للطفل بيئة ثرية بالأنشطة و المثيرات المختلفة التي تساعده على إتقان هذه المهارة أو تلك، و من سمات هذه المراحل أن الطفل يسعى فيها لتكرار فعل معين مرات كثيرة دون ملل.
وأشارت المدربة حسن أن الطفل يعشق النظام في كل شيء في حياته، و من واجبنا أن نحافظ له على النظام الذي يريده في كل شيء، وهو على عكس الكبار ، لأنه ينجذب بشدة إلى أنشطة الحياة العملية و يتمنى أن يشارك في الأعمال اليومية التي تحدث أمامه، ولهذا لابد من تطوير تحكم الطفل في حركته، من خلال التوافق العضلي و زيادة عدد الوصلات العصبية، زيادة تركيز الطفل، وتطوير استقلاليته، لأنه عندما يقوم بإتمام النشاط بمفرده و دون مساعدة تزداد ثقته بنفسه و يسعى لإنجاز المزيد.
وهناك أهداف غير مباشرة هي اكتساب المهارات المختلفة، والتأقلم مع عادات بيئته.
وقسمت حسن مراحل إعداد الطفل لمرحلتين، ما قبل الأربع سنوات: و فيها يقوم ببعض الأنشطة لاستمتاعه بالنشاط فقط، دون هدف حقيقي سوى إتقان المهارة، ثم مرحلة ما بعد الأربع سنوات:
و هنا يقوم بالنشاط لنفس الهدف الذي يقوم به الشخص الكبير بالنشاط لأجله، كأن يغسل الطبق لجعله نظيفاً، لا لاستمتاعه بعملية الغسل نفسها و اللعب بالماء، ولهذا يجب أن تكون أدواته حقيقية كي يشعر بأهمية عمله، كما أن تكون متناسبة في الحجم و الوزن، ومرتبطة ببيئته و مألوفة، وقابلة للكسر، لأن هذه الأدوات تجعله أكثر حرصاً عند تعامله مع باقي الأدوات، ولهذا يجب التنبيه إلى أنه في حالة حدوث كسر لأداة أثناء العمل يقوم المدرس أو الأم بجمع الزجاج المكسور، و لا يحضرون بدلاً من هذا النشاط إلا بعد عدة أيام، حتى يتكون لدى الطفل القدرة على تقدير الأشياء و تحمل المسؤولية، بالإضافة للأشياء الجذابة والمنظمة، بالإضافة للحرص على التدرج في الأنشطة من الأسهل إلى الأصعب.