وطنُ الفيلسوفِ مكتبة.. فيها أودع عقله

 

الثورة – هفاف ميهوب:

في كتابه “عزاء الفلاسفة” يصوّر الفيلسوف الروماني “بوثيوس” الفلسفة على أنها امرأة، هي سيدة الحكمة اليونانية.. يتخيّلها تزوره لتواسيه في لحظات انتظاره لموته المحتّم، ودون أن تشعره بالشفقة لطالما، تمتلك من حكمة العقل ما يكفي لاستحضار السكينة.. العقل الذي يجعل كلّ من يعتمد عليه في اتّخاذِ قراراته، يتصرّف بإرادة حرّة، يسعى من خلالها إلى الخير، وهو ما لا نجده لدى اللاعقلانيين، الذين يتّخذون قراراتهم وفق إملاءاتٍ تحوّلهم إلى عبيٍد لا يملكون لا الإرادة ولا الحرية..
لقد عبّر “بوثيوس”عن ذلك بقوله: “النفوس البشرية تكون أكثر حرية، ما بقيت دائبة في تأمل العقل الإلهي، وتصير أقل حريّة عندما تهبط إلى الأجساد، وأقل من ذلك عندما تكون سجينة الأعضاء الترابية الأرضية، وتبلغ غاية العبودية عندما تسلّم نفسها، ولا تعود تملك رشدها”..


إنه منطقُ بل حكمة فيلسوف، وجد في الفلسفة عزاء لمعاناته الشخصية.. ذلك أنه عاش في زمنٍ كان الانشقاق داخل الحضارة الرومانية فيه، سبباً لاتهامه بالخيانة والحكم عليه بالإعدام، لتتفاقم بعدها النزاعات والغزوات التي أغرقت أوروبا ولقرون عديدة، في انحطاطٍ ثقافيّ وفكريّ، جعلها تعيش عصوراً من الظلام..
غرقت أوروبا في ظلامها هذا، بعد أن فقدت هذا الفيلسوف الذي سعى للسمو بها، عبر ما قدمه من أفكارٍ كانت العزاء له في أصعب الأوقات التي عاشها وعانى فيها، ولا سيما من حكمِ سجانه الذي أدانه بفلسفته وحكم عليه بالجهل، وفي الوقت الذي ارتقى فيه عقله بطريقة، تجاوز بها وجوده الدنيوي إلى ما اعتبره “وجوداً إلهياً”..
في هذا الوجود شعر بإنسانيته، حيث لا أحقاد ولا شرور، بل حرية الإرادة والعدالة.. الأهم، قوة الخير التي لا يمكن نكرانها، وكذلك والأهم أكثر، قوة العقل الذي يهبنا الكمال الحقيقي..
هذا ما توصل إليه هذا الفيلسوف، فهل لنا في هذا الزمن السجّان والظالم والجاهل، ولو بعقلٍ مفكّرٍ واحد، تتمخّض عنه فلسفة إنسانية عظيمة، تجمع الناس جميعاً في مملكتها، أو بالأحرى وطنها..
نعم وطنها.. الوطن الذي كان يراه: “مملكة، مجتمع عقلي، امبراطورية مثالية.. مكتبة، لم يودع فيها كتبه وإنما عقله”..

آخر الأخبار
غرفة  صناعة حلب تفتح باب الانتساب لعضوية اللجان  وتعزز جهود دعم الصناعة عصام الغريواتي: زيارة الوفد السوري إلى تركيا تعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية مباحثات سورية–إماراتية لإحياء مشروع مترو دمشق الاستراتيجي أحكام عرفية بالرقة واعتقالات في ظل سيطرة «قسد»...والإعلام مغيّب تحقيق رقابي يكشف فضيحة هدر بـ46 مليون متر مكعب في ريف حمص بعد توقف دام 7 أشهر..استئناف العمل في مشتل سلحب الحراجي "الأشغال العامة" تعرض فروع شركتي الطرق والجسور والبناء للاستثمار من وادي السيليكون إلى دمشق.. SYNC’25 II يفتح أبواب 25 ألف فرصة عمل خفايا فساد وهدر لوزير سابق .. حرمان المواطنين من 150 ألف متر مكعب من الغاز يومياً الكلاب الشاردة مصدر خوف وقلق...  116 حالة راجعت قسم داء الكلَب بمشفى درعا الوطني   تعزيز التواصل الإعلامي أثناء الأزمات الصحية ومكافحة المعلومات المضللة غلاء الإيجارات يُرهق الباحثين عن مسكن في إدلب ومناشدة لإجراءات حكومية رادعة غزة بين القصف والمجاعة و"مصائد الموت" حصرية السلاح بيد الدولة ضرورة وطنية ومطلب شعبي أكبر بساط يدوي من صنع حرفيّ ستينيّ الادعاء العام الألماني يوجّه اتهامات لخمسة أشخاص بارتكاب جرائم حرب في مخيم اليرموك زيارة رسمية لوزير الداخلية إلى تركيا لتعزيز التعاون الأمني وتنظيم شؤون السوريين تراشق التصريحات بين واشنطن وموسكو هل يقود العالم إلى مواجهة نووية؟ من البراميل والطائرات إلى السطور والكلمات... المعركة مستمرة تعددت الأسباب وحوادث السير في ازدياد.. غياب الحلول يفاقم واقع الحال