في العمل الدرامي “مع وقف التنفيذ” يتم تقديم نموذج المثقف الملتزم اليساري عبر شخصية “حليم” الكاتب الصحفي، صاحب المشروع الروائي.
وغالباً خلال حلقات العمل سيبدو “حليم” منسجماً مع ذاته.. يتفق أو يختلف مع من هم حوله، ابتداءً من أبنائه إلى أصدقائه وحتى المحيط الذي يحيا ضمنه.
انسجامه مع ذاته “ظاهرياً”، لن يقيه الخوض في علاقات شائكة مع الآخرين..
وكل ذلك لن يمنع من قيامه بتصرفات نستهجن صدورها من مثقف حقيقي غير مدّعٍ، كما يُفترض.
لكن لماذا كانت ردود أفعاله قاسية وفيها الكثير من التعنّت فيما يخصّ علاقة الحبّ بين ابنته “رولا” والشاب “رائد”.. والتي بدت أفعالاً أنانية وغير مسؤولة ولاسيما خلال الحلقتين (٢٤،٢٣)، حين يذهب ويدّعي على “رائد” بأنه خطف ابنته..؟
حتى مع علمه أن تأخر ابنته عن السفر سيمنعها من فرصه الالتحاق بمنحتها الجامعية، لا يكترث.. يستمر في تعنّته ويتصل مع أحد المحامين مستفسراً منه عن أي إمكانية لتعطيل السفر يوماً آخر.
ثمة نوع من الثغرات الطفيفة غير الملحوظة، لكن المُتقنة، تم إلحاقها بشخصية المثقف ضمن عمل “مع وقف التنفيذ” وصلت ذروتها مع تصرفه السابق..
ولا نعلم إن كان كاتبا العمل تعمّدا إظهار هذه الشخصية بمثل هذا السلوك المنسجم تماماً مع متلازمة “المثقف- اللامثقف” الذي مهما بدا منفتحاً على آراء الآخر وقناعاته.. داعماً له ولحريته.. يبقَ حاملاً لفيروس إنكار الرأي الآخر ضمنياً.
لم يستهلك ذوو العمل الكثير من الوقت والجهد لتحقيق إيماءة مدروسة بعناية تُخبّئ تركيبة درامية غنية لشخصية “المثقف” في محيطنا والتي غالباً ما تكون شخصية مركّبة.. أفعالها تصبح أحياناً طفرات صاعقة ومدوّية.. فمعظمنا، إن لم يكن جميعنا، تعامل وخبر هذا النمط من الأشخاص الذين يفرزهم واقعنا بكثير من الازدواجية غير المُعلنة.
والسؤال: هل فعلياً شخصية الكاتب المثقف “حليم” شخصية منسجمة مع ذاتها..؟
والسؤال الأكثر أهمية: متى تصبح مجتمعاتنا قادرة على إنتاج مثقف سلوك حقيقي وليس مثقف أفكار وشعارات تنتجه الكتب لا غير..؟