منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية قبل 11 عاماً ونيف، لم تتوقف القيادة السياسية في سورية عن طرح وتقديم كل المبادرات والحلول التي من شأنها أن تفضي إلى طي ملف الحرب وتضميد الجراح والانتقال بسورية إلى مرحلة جديدة من التعافي والمصالحة والسلام وإعادة الاعمار والمهجرين، وفي هذا الإطار أصدر السيد الرئيس بشار الأسد عشرات المراسيم التي تؤسس لمثل هذه المرحلة المنشودة كان آخرها مرسوم العفو العام رقم (7) عن الجرائم المرتكبة قبل 30 نيسان، حيث تزامن هذا العفو مع اقتراب نهاية شهر رمضان والاحتفال بعيد الفطر السعيد.
من يقرأ بنود ومواد المرسوم سيجد فيه خطوة متقدمة وجبارة في الاتجاه الصحيح لجهة الصفح الكامل عن الذين تورطوا في جرائم إرهابية لم تفضِ إلى موت إنسان، أو الذين تم التغرير بهم من قبل جهات معادية للقيام بجرائم إرهابية، ولكن دون أن يؤثر العفو على الحق الشخصي، حيث يشمل العفو تلقائياً المحكومين والموقوفين والمتوارين، دون مراجعة أي جهة، وهي سابقة في مراسيم العفو التي صدرت خلال الفترة الماضية، وما من شك بأنها فرصة غير مسبوقة لكل الذين يريدون أن يمارسوا حياتهم الطبيعية بعيداً عن الطرق الشائكة التي سلكوها في ظل الحرب والعدوان الدولي الإرهابي على سورية.
لعل من أهم مزايا المرسوم الجديد لجهة التوقيت أنه يتزامن مع العديد من المصالحات والتسويات التي تجري في مناطق واسعة من أراضي الجمهورية العربية السورية ولاسيما في الجزيرة السورية وريف حلب ومناطق أخرى، إذ ما زالت هذه المناطق تعاني من تدخلات خارجية واحتلال أجنبي ووجود جماعات إرهابية وجماعات انفصالية تعمل لمصلحة أجندات خارجية، وإذا ما قُدّر للكثير من أبناء هذه المناطق الاستفادة من مرسوم العفو إلى جانب التسويات التي تجريها الدولة السورية للمطلوبين، فمن شأن ذلك أن يطوي ملف الحرب ويسرّع بزوال الاحتلال الأجنبي وتحرير ما تبقى من أراضي محتلة مازالت تعاني من رجس الإرهاب وأطماع قوى ودول خارجية لا تريد لسورية أن تخرج من محنتها وتعود آمنة مستقرة موحدة منيعة كما كانت.
فالعالم كما تظهر الأحداث في شرق أوروبا مقبل على تحولات سياسية وإستراتيجية عميقة تؤسس لولادة نظام عالمي جديد غير خاضع للمشيئة الأميركية، عالم تضمحل فيه مكانة وسطوة القوى الغربية الداعمة والراعية للإرهاب، وهي فرصة لكل السوريين في الداخل والخارج لكي يراجعوا أنفسهم ويفكروا بمصالحهم ومصلحة بلدهم وشعبهم قبل مصالح الآخرين.