العفو بمعناه الوطني

لم يأت المرسوم رقم (٧) لعام ٢٠٢٢ على منوال مراسيم عفو سابقة كانت تشمل جرائم وجنحاً متعددة تتناوب ما بين الجنائية والإرهابية، لكن المرسوم الأخير اقتصر في العفو عن الجرائم الإرهابية ولكامل فترة العقوبة ودون تمييز لفترة وقوع الجريمة سواء كانت في بداية الحرب الإرهابية المعولمة على سورية أو في الفترات التالية، فهل ثمة رسالة محددة ؟ وهل لذلك أبعاد سياسية واجتماعية وغيرها؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟.

من ناحية التوقيت فإن الوقائع والتطورات المحلية والإقليمية والدولية تؤكد استحالة تحقيق هدف الإرهاب في إسقاط الدولة السورية، الأمر الذي يعني أن مرسوم العفو يأتي من موقع قوة المنتصر ولا يخضع لأي ضغوط محلية أو خارجية، فهو دليل على قوة ومتانة وثقة الدولة بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها الإدارية والسياسية والاجتماعية، والتي استمرت بالعمل الكامل في ظل أصعب ظروف الإرهاب، وبهذا يكون العفو نابعاً من صفاء سريرة تجاه من ارتكب جرائم ومخالفات بحق وطنه، ويراد له العودة لممارسة حياته الطبيعية بسهولة ويسر، والبدء بظروف حياة جديدة خالية من الخطأ والمخالفات.

أما الرسالة متعددة الأوجه فهي تقول للخارج كله إن السوريين قادرون على تجاوز مشكلاتهم بأنفسهم، وهذه إرادتهم وحدهم ، وهم إن كانوا يتوقعون من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التدخل الإيجابي في فترات مضت، فإنهم أيقنوا الآن أنهم وحدهم قادرون على تنظيم بيتهم الداخلي وفق رؤاهم ومصالحهم ومعتقداتهم الوطنية، وهو ما يعني أن الدولة تبقى فوق المواقف الفردية والخاصة والشخصية وتقيم قوانينها وفق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.

لقد كانت السنوات الماضية كفيلة بتحقيق الوصول إلى هذه النتيجة واعتبارها الحل الأنسب لتجاوز النتائج السلبية لسنوات انتشار الإرهاب وتمدده وتراجعه وهزيمته فوق أراضي سورية الحبيبة، فقد كان الحضور الإرهابي الخارجي أشبه بسرطان يضرب حالة التضامن والتعاون والتوافق الاجتماعي، وكان الإرهاب عامل تخريب وتفتيت لمفاصل الوطن ونشر حالة من الفرقة كان بداية حلها في خطوة عبقرية خلاقة، إذ مثلت المصالحات المحلية والتسويات الخطة الوطنية الذاتية التي نزعت فتيل الانصياع للإرهاب وأعادت الثقة بين المواطن والدولة وعززت مكانة الدولة في نفوس مواطنيها، فمن خلال تلك التسويات والمصالحات عاد الكثيرون إلى رشدهم فتراجعوا عن حمل السلاح بعد أن اكتشفوا أكاذيب المعتدين وعرفوا رواياتهم الملفقة ووقفوا على حجم تضليلهم ووعودهم الكاذبة، فكان الوطن بمؤسساته الشرعية الحاضن الكفيل بحمايتهم ومسامحتهم وفتح باب الصلاح أمامهم.

قد يقول البعض إن مرسوم العفو يمثل حالة استباقية لحل وطني شامل لم تكتمل عوامل تحققه، وقد يقول آخرون إن الإرهاب ما زال يترقب الفرصة للقيام بجولة بغي جديدة، وقد يرى بعيدون أن النصر قبض اليد، لتبقى الحقيقة الوطنية تفرض ذاتها من خلال الرؤية الكاملة لحقيقة ما جرى واستشراف المستقبل بكل دقة الذي يبني وطناً لم تقو كل قوى البغي والعدوان على التأثير فيه، فجاء العفو الشامل معبراً عن قيم الانتصار السامية، فالغفران والتسامح سلوك المنتصر النبيل.

معاً على الطريق -مصطفى المقداد

 

آخر الأخبار
غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة