سفر الختام … الإصحاح السابع .. الطحين الأميركي …

 

هالني يومها ذاك الجمع الكبير .. أعداد هائلة من البشر تهدر على ذاك الطريق الجبلي نازلة باتجاه الطريق الساحلي العام . عند ذاك الطريق كان المشاة يودعون الحجارة و الوعر و الأتربة و يمشون فوق الإسفلت أو الزفت .. أول موقع نلتقي فيه بالحضارة .. بفرح أو بهموم .. لأننا ذاهبون إلى المدينة .. ذلك أنه رغم ما كان يثيره المشوار إلى المدينة فينا من فرح .. كان يضعنا في مواجهة شؤون لنا قد يعيينا ملاحقتها فكيف بحلها !! .

يومها .. كنقطة لاتكاد ترى في خضم هذا البحر البشري هبطنا الكبير .. بل الهائل … نسبياً في تلك الأيام … هبطت مع الهابطين من القرى و أعالي الجبال لنتشرف باستقبال الزائر الذي و إن تراجع شأنه في سلم المقامات بقينا نحفظ له المسافة ليحافظ على مقام الزعيم الذي يتفوق علينا بمسافات .. و تأخرت صحوتنا ..

كان الوعد محسوباً أن يكون ضيفنا هو الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله .. ثم .. تراجعوا فقالوا : لا بل إنه المشير عبد الحكيم عامر .. وكان ذلك كافياً تماماً ليلهبنا حماساً .. فهتفنا كثيراً و غنينا طويلا ً .. لم أكن أرى شيئاً .. بل كنت ملتزم في اطار أكثرية الجمع المتصف بصفة : بشر جاؤوا يتفرجون على بعضهم … ولم يقلل تراجع مرتبة الضيف من حماسنا .. فالضيف الذي تبين فيما بعد أنه المرحوم مصطفى حمدون وزير الإصلاح الزراعي – كما أتذكر – في الإقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة ” سورية ” ..

لم يكن يعنينا من مرتبته شيئاً .. و بفضله عرفنا ساعتها أننا إنما نحن هنا لنحتفل بتوزيع سندات التمليك على بعض الفلاحين المستفيدين من قانون الإصلاح الزراعي .

وإلى اليوم كلما عشت ساعات للهياج العاطفي الحماسي أتذكر مرحلة الخمسينيات والستينيات حيث بدأت هذه الحكاية.. و لم تنته.
عشنا حياتنا و لهتافاتنا مسار واحد من حناجرنا إلى آذاننا و كفى ..

أيامها أيضاً كان الفقر شديداً .. وتعرفنا على الطحين الأميركي مكتوباً علي أكياسه البيضاء بالخط الأزرق العريض ” تقدمة من الشعب الأميركي ” .. و من يومها و نحن العرب نقاتل أميركا .. نقاتلها و نبحث في خزائنها عن الطحين .. !!

أكثر من مرة أقسمت لنا أميركا ممثلة للغرب الاستعماري .. أن نجوع كلما استغنينا عن الطحين الأميركي .. أو كلما ظهرت رغبتنا بذلك .. أو بشكل أدق كلما بدت قدرتنا على ذلك .. !!

و ترانا اليوم أمام المحنة ..

محنتنا ليست في غياب الطحين الأميركي .. بل في أن نجد به مخرجاً ..

As.abboud@gmail.com

آخر الأخبار
المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية