الثورة -حمص- رفاه الدروبي:
فيلم “الفطور الأخير”حالة اجتماعية تعرّي المجتمع بكل تناقضاته وتفاصيله السائدة من ﺇﺧﺮاﺝ وتأليف عبد اللطيف عبدالحميد وإنتاج المؤسسة العامة للسينما 2019 وبطولة عبد المنعم عمايري وكندة حنا وكرم الشعراني وراما عيسى ويوسف مقبل وبيدروس برصوميان ومحمد خاوندي وماجد عيسى، عرض كان بحضور جمهور غفير في قصر الثقافة بحمص.
تدور أحداث الفيلم حول إفطار أخير جمع الزوجين سامي ورندة “عمايري وحنا”، والمأساة تبدو للزوج عندما تشعر الزوجة بالموت إنَّها الحب الأول ورفيقة الدرب والأيام الجميلة كيف ينساها ويتزوج بأخرى وتنذر بآخر فطور لهما لكثرة القذائف في اليوم ذاته، حاولت رندة إظهار التقرّب من زوجها فقررت تقديم أصناف شهية من الطعام واستغلال المساحة الحميمية بينهما قبل وقوع إحدى القنابل عليها ينتهي الفيلم بزواج سامي من جمانة صديقة رندا زوجته الأولى حتى يلقى حتفه بإحدى القذائف العابرة.
ينتهي العمل منذ الدقائق الأولى بلقطة موت الزوجة ليبدأ “سامي”رحلة عذاباته وذكريات معها تطرق مخيلته تعكسها المشاهد بمنولوج داخلي وحياته معها وكيف تسأله عن غيابه خارج البيت حتى بعد موتها.
أدّى الممثل عبد المنعم دوراً مقنعاً في الفيلم حتى تحسبه أنَّه فعلاً وقع في مأساة حقيقية بموت الزوجة في مختلف حركاته وسكناته وإحمرار عينيه ليثبت قدرته على أداء أيِّ دور مهما كانت الظروف والإيحاءات، ليقع مع المخرح في مطب مشاهد لاتحمد عقباها بالنسبة للمجتمع المحلي، الرافض لها بكل تفاصيلها فأغلب الأفلام السورية نجحت بمضمونها الراقي والهادف.
أمَّا الإضاءة فكانت خافتة منذ اللحظات الأولى في المشاهد الداخلية للمنزل والعمل، ولا تعلو إلّا في المناظر الخارجية حين انتقال الكاميرات من محيط البيت و ردهات المكان والجدران وكأنَّ المخرج الكاتب يعبِّر عن واقع أليم لم تترك فيه الحرب سوى الأسى والحزن ما ينعكس على مكنونات النفس المأساوية لحدث صعب يترك آثاراً تحفر أخاديدها .
يسير الفيلم وسط مؤثرات صوتية تعبِّر عن القذائف ويكسر صوتها ضربات إيقاع تعلو بخفة رويداً رويداً ويخفف من وطأة الحدث نغمات صوت الموسيقار محمد عبد الوهاب تصدح بأغنية “الجندول” علَّها تخفف من الحدث بجمال الصوت والموسيقا الرائعة بدلاً من هدير القذائف.
أمَّا التصوير فكان بكاميرا نظيفة جميلة رافقت اللقطات .
ويأخذنا المخرج المؤلف إلى عوالم المناظر الطبيعية الجبلية الخلابة في الساحل السوري، ربما يريد أنْ يلهو بخيالنا وكأنَّه يقول إنَّها سوريتنا الحبيبة بينما تظهر أجمل عبارة رددها الفيلم وضعت على شاهدة قبر رندا “أسوأ أنواع الرحيل من رحل ولم يرحل عنك”.