عزة شتيوي:
هي الأمم المتحدة تتحرك بخيوط اللعب وأصابع البيت الأبيض فتصمت حين تكون الجريمة أميركية وتتكلم بحنجرة واشنطن حين تتطلب مصلحة العم سام ذلك.
لم يعد الدور الأممي موثوقاً ولا حتى أهدافه واضحة فما شكلت لأجله الأمم المتحدة بات اليوم من آخر مهامها إذا صنف أساسا ضمن تلك المهام.. بل إن عمل المنظمة الأممية ينوص بين القلق والمصالح الأميركية وماعدا ذلك فهو متروك لأدراج النسيان والنزاع والصراع وتخليص الدول نفسها بنفسها دون حتى إدانة بسيطة من الأمم المتحدة تشير فيها إلى الجاني مباشرة، ولولا حق الفيتو في مجلس الأمن الذي يرد الشر الموجود بمشاريع أميركا أحيانا لقلنا إن الأمم المتحدة مجرد منظمة شكلية غارقة في خيباتها واختراقات الغرب لها.
ليس ذلك فقط فواشنطن تجاوزت الأمم المتحدة وأعلنت الحروب رغم معارضة القرار الأممي المشترك مما اظهر ضعف هذه المنظمة وأصبح واضحا تراجع الأمم المتحدة كمنظمة دولية بعد أن خرجت الولايات الأميركية المتحدة عن إطارها وأسقطت شرعيتها وتجاوزتها من خلال اتخاذها قرارات متمردة تتعلق بقيام الحروب وإعطاء الايعازات بعيداً عن التشاور الدولي داخل مقاعد المنظمة الأممية الأمر الذي سبب ذبذبة في شكل العلاقات الدولية وشكل النظام العالمي كله حيث أصبحت قرارات الأمم المتحدة محصورة ضمن سياسة الولايات المتحدة الأميركية.
اقرأ المزيد..
وفي سورية.. البيت الأبيض يحتل يدمّر ويسرق تحت شعارات الإنسانية
ففي سورية مثلاً تقوم واشنطن باحتلال أجزاء من الجزيرة السورية وسرقة النفط السوري ودعم الجماعات الانفصالية لتجزئة البلاد دون حتى إدانة أممية تذكر.. كما أن ممارسات ما سمي التحالف الدولي وجرائمه المرتكبة كقضية تدمير مدينة الرقة خلال وقتل آلاف الأبرياء فيها من قبل التحالف الدولي غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لم تستدع حتى القلق المعتاد للامين العام للأمم المتحدة رغم أن ممارسات ما يسمى التحالف الدولي في الرقة كانت وستبقى واحدة من أفظع الجرائم التي لم يكن المجتمع الدولي على دراية تامة بتفاصيلها، ولم تحاول المنظمة الأممية التحري أو تسليط الضوء على هذه القضية الإنسانية والقانونية والسياسية التي لم تمنحها الدول الأعضاء الأهمية والمعالجة اللتين تستحقانها.
كل حجم الخسائر في البنية التحتية والأملاك العامة والخاصة وأعداد الضحايا والشهداء في صفوف المدنيين في سورية صمتت عنها الأمم المتحدة ومنظماتها ولم نسمع الصوت الأممي إلا عندما تريد واشنطن ذلك رغم أن ما حدث في سورية من إرهاب وحروب كانت وراءه واشنطن وحلفاؤها الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ما جرى في سورية ومن قبلها العراق وفلسطين والكثير من دول العالم أثبت أن الأمم المتحدة عادت لتصبح عصابة الأمم لولا وجود روسيا والصين.. لذلك بات من الواضح أن هذه المنظمة الأممية باتت بحاجة إلى الإصلاح والعودة إلى سكتها الصحيحة التي حرفتها عنها واشنطن وإلا بقيت أداة تعبر أميركا من خلالها إلى الحروب والمصالح السياسية!.