الثورة – غصون سليمان:
اتسم المؤتمر السنوي السادس للسلامة والصحة المهنية بالمقاربات التفصيلية الغنية لما يتوجب ان يكون عليه الواقع للحفاظ على بيئة عمل آمنة خالية إلى حد كبير من المخاطر .
المؤتمر الذي أقامته أمس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات العمال وغرفة صناعة دمشق وريفها وعدد من شركات القطاع العام والخاص بدعم وإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، حمل الكثير من المكاشفات الإيجابية من ناحية العمل التشاركي بين أطراف الإنتاج، عمالا وأصحاب عمل وحكومة.
المشاركون بالمؤتمر ومن خلال المداخلات والمحاضرات وعرض تجارب الشركات في الامتثال لنظم السلامة والصحة المهنية منها كان التركيز على واقع الصحة والسلامة في سورية ،وأهمية تعزيز الحوار الاجتماعي من أجل بناء ثقافة مهنية وقائية،والتصدي لجائحة كورونا،والتعريف بنظام إدارة الصحة والسلامة المهنية الايزو٤٥٠٠١، وماهية الأهداف الدولية لسلامة المريض في المنشآت الصحية.
الدكتور عامر عدي اختصاصي في الأمراض المهنية وطب العمل.خبير منظمتي العمل العربية والدولية ذكر أن هناك حوالي ٢،٩ مليون عامل يموتون كل عام بسبب حوادث العمل والأمراض المرتبطة به.
كما يوجد على الأقل ٤٠٢ مليون شخص يعاني من عقابيل الإصابات غير القاتلة الناجمة عن العمل والأمراض المهنية ،لافتا إلى أن منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية قدرت أن الأمراض المرتبطة بالعمل مسؤولة عن ٨١% من الوفيات ككل، و١٩% مسؤولة عنها حوادث العمل .وعامل الخطورة الأهم والذي يعزى له النصيب الأوفر من الوفيات المرتبطة بالعمل هو طول ساعات العمل اذ يشكل ٧٤٥ ألف وفاة فيما تبقى٤٥٠ ألف وفاة ناجمة عن التعرض للغازات والدخان والأبخرة وغيرها .
وأوضح الدكتور عدي أن إصابات العمل والأمراض المهنية المرتبطة لا تسبب هذه المعاناة للعامل وأسرته فحسب ،إنما يؤخذ بعين الاعتبار التراجع الاقتصادي والإنتاجي للمنشآت والذي ينعكس على التدني الاقتصادي للبلد بشكل عام،وهذا مايعبر عنه بالنفقات الصحية والتعويض وتدني الإنتاجية ،ونقص القوى العاملة والطاقة الانتاجية.
وأكد أن إصابات العمل والأمراض المتعلقة به تساهم بخفض الناتج العالمي الاجمالي بنسبة ٥،٤ %. وبالتالي من هنا تأتي أهمية بناء ثقافة إيجابية للصحة والسلامة من خلال الحوار الاجتماعي والذي يشير إلى كافة أشكال المفاوضات والمشاورات وتبادل المعلومات بين ممثلي العمال،وأصحاب العمل، والحكومة، والجهات الفاعلة.
*تعزيز مقومات الوقاية
مدير الصحة والسلامة المهنية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الدكتور محمد هاشم أشار في حديثه إلى أهمية السلامة المهنية وتعزيز مقومات الوقاية من المخاطر الناشئة في بعض بيئات العمل، وضرورة بناء ثقافة عامة بين العمال لإدراك أهمية الصحة والسلامة المهنية ،لاسيما وأن الأمراض المهنية وإصابات العمل باتت تهدد على نطاق عالمي واسع شريحة العمال، حيث يموت كل عام حوالي ٣ملايين عامل بسبب حوادث العمل والأمراض المرتبطة به، إلى جانب وجود مئات الملايين حول العالم يعانون من إشكالات وأمراض صحية ناتجة عن حوادث العمل.
ودعا مدير الصحة والسلامة المهنية في ضوء ما تقدم أهمية أن يدرك الجميع بأن توفير بيئة عمل آمنة هو حق وواجب،ما يتوجب ويتطلب من جميع المعنيين توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة للحفاظ على حياة العمال ، فأغلى ما نملكه هو الإنسان ،وحماية حياته من الإصابات والأمراض المهنية ضرورة يجب ان يتشارك فيها الجميع وخاصة أطراف الإنتاج الثلاثة.
وقال الدكتور هاشم أن الحفاظ على الأرواح والمنشآت هو أمر لا يحتاج فقط إلى توفير أدوات الحماية المادية اللازمة لتأمين بيئة العمل ،وإنما يتطلب أيضا تنمية معارف العاملين بما يمكنهم الحفاظ على أنفسهم والمنشآت التي يعملون بها ، إذ تشير الدراسات أن الأمراض والاصابات المهنية تؤدي الى خسارة ٤% من الناتج الوطني،وبالمقابل فإن ارتفاع نسبة مشاركة العمال بتطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية يساهم بتخفيض مقدار حوادث العمل بنسبة ٦٤%، وانخفاض نسبة الاستشفاء في المشافي بمعدل ٥٨%.
وأضاف الدكتور هاشم أننا كجهة عامة ومسؤولة نسعى إلى تسخير جميع الإمكانيات المتاحة وبذل أقصى الجهود لتوفير بيئة عمل آمنة لعمالنا ومنشآتنا بالتعاون مع شركائنا في جميع القطاعات لتحسين الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.
*شراكة استراتيجية
من جانبه وصف يحيى غنام مدير الموارد البشرية في شركة مدار للصناعات الكيماوية بأن العلاقة بين العام والخاص هي علاقة استراتيجية لطالما نعيش جميعا في هذا الوطن وبالتالي يجب أن تتضافر الجهود سوية لتعزيز وبناء ثقافة إيجابية وقائية في مجال الصحة والسلامة كي تصبح ذاتية يمارسها العامل من تلقاء نفسه،وقال نحن كإدارة موارد بشرية نعتبر العامل البشري هو رأس مالنا الحقيقي،وبقدر مانهتم بصحته وسلامته وتعليمه وتدريبه فإن ذلك يزيد من كفاءته ومهارته ماينعكس بدوره إيجابا على الإنتاج ويقلل من المصاريف والعناية الطبية.
وحول الصعوبات بشكل عام ذكر غنام أن أي عمل لا يخلو من بعض العوائق، وفي ظروفنا الحالية لاشك هناك ضعف بمصادر الطاقة،وقلة اليد العاملة الخبيرة نتيجة الهجرة وغيرها ونحن كشركات صناعية نعتمد على فئة الشباب،لافتا أن الهوة كبيرة بين الأجور بشكل عام والأسعار التي تهضم كل زيادة في رواتب العاملين .وعن خطة الشركة بتطبيق قواعد الصحة والسلامة المهنية بين انها تسير عبر عدة مراحل بدءا بإقناع أصحاب العمل بفعالية وجدوى الصحة والسلامة المهنية حيث تم إحداث إدارة للصحة والسلامة المهنية منذ عام ٢٠١٣ وحصلنا على الايزو ٩٠٠١ و٤٥٠٠١