الثورة -حمص-رفاه الدروبي:
عرض محمد خير الكيلاني “تجربته مع فن المونولوج” أمام جمهور نخبوي بدأه بأنَّ أصل الكلمة يونانية تعني الخطاب الأحادي حيث يؤديه ممثل واحد يجسد نصاً مسرحياً لوحده كي يؤدي حواراً داخلياً للشخصية ضمته حديقة رابطة الخريجين والجامعيين.
الكيلاني رأى بأنَّ المونولوج ينحدر من الطقطوقة وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم وفتحية أحمد وكان يلحّن ويوزّع كأنّه أوبريت متكامل، حتّى أنَّ موسيقيّين كبار شاركوا في تلحين العشرات من النوع نفسه وله أنواع عدّة منها الناقد وتكون الأغنيَّة بأسلوب ساخر يهدف إضفاء الضحكة على وجوه المشاهدين في الحفلات عبر الغناء بشكل بسيط وألحان سريعة وخفيفة ومؤديه يُطلق عليه لقب مونولوجست.
لافتاً إلى تميز أصحابه بإضفاء السعادة والابتسامة للجميع، رغم معاناة من امتهنوا به سواء الاجتماعية فى بداياتهم الفنية أوحياتهم الخاصة، وحتى خلال لحظات فراقهم للحياة، فجميعهم لم يعيشوا الدنيا الوردية المليئة بالضحك لكن أحياناً كثيرة من يتألم يعطي السعادة لغيره، فمن خلال مآسيهم نسجوا لنا أعظم أوقات السعادة، ووزعوا الابتسامات والضحكات على الكثيرين.
كما عاد الكيلاني بذاكرته إلى ستينيات القرن الماضي وظهور مجموعة جديدة من مقدِّمي المونولوج أمثال أحمد غانم بأغنية “كل الحموات دمهم شربات إلا حماتي و”على عيني وراسي ياستات شاركتونا بكل الحياة” ويصور مباراة بكرة القدم للسيدات ومايتخللها من مواقف بين اللاعبات والجماهير موضحاً بأنَّ الكلمات هدفها الضحك.
ثم أضاف عن أشهر الشخصيات العربية باللون الفني ذاته منهم ثريا حلمي اشتهرت برقصها وحركتها مع الطبال، وإسماعيل ياسين، ومحمود شكوكو بلباسه وأدواته وغنى وقلد الفنانين ولعل منولوج “أشوف وشك تومورا” كان له صدى باعتباره خلط بين لغتين العربية والإنكليزية كما غنت لبلبة أيضا الفن ذاته وقلدت الفنانين بشكل كوميدي، إضافة إلى أحمد الحداد، وسيد الملاح قلد المطربين بأصواتهم ولوازمهم الحركيَّة كما فعل المطرب محمد عبد المطلب وكان الجمهور ينتظر الفقرات في الحفلات بشوق كبير لما تمتع بها من خفة الكلمة واللحن وجماهيرية موضوعاته وأيضاً منهم محمد بكري الفلسطيني، ومحمد السليم السعودي وفؤاد الشريف اليمني وعزيز علي العراقي وعمار الزعني وفريال كريم وباسم فغالي من لبنان.
فيما أشار أنَّ أشهرها “عشطان تعال اشرب” للفنان عمر الجيزاوي ولباسه الجلابيه ووعاء العرق سوس يحمله على كتفه لأنَّه وصل لأسماع العامة وردد في السهرات الخاصة.
منتقلاً إلى أداء فرقة ثلاثي أضواء المسرح والإيقاع ودور الفنان سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد ونجاحهم الكبير في المسرح والسينما ومن أشهرها “بص شوف ياوعدي”، ورغم عدم تمتع من قدم المونولوج بالصوت الحسن لكنّهم نجحوا في تحقيق القبول الجماهيرى بأداء ألحان مطربة لما تميزوا به من حس موسيقي عال، لا يتوفر إلّا لدى أصحاب الآذان الموسيقية الحساسة ولتمكنهم من تنفيذ الألحان والجمل المقامية بدقة عالية.
منتقلاً إلى واقعه في سورية وبراعة سلامة الأغواني باعتماده على لازمة من الكلمات الناقدة ملحنة موسيقيّاً ثم يقف ليتكلم كلاماً زجلياً عن حالة ما وحسن وحيش قدَّم ألحاناً خاصهً به “بعت أمي تخطبلي بنت الجيران” واشتهر رفيق سبيعي “أبو صياح” بأغانيه الناقدة منها “خدلك سيكارة وقعود لنتفاهم” أمَّا واسطة العقد فظهر لها دور في الفن نفسه وكان محصوراً بالزجال عبد القادر الحموي المعروف بالفران يعرضه بطريقة سلام الأغواني بكلمات من نظمه وغنائه وألحان سعيد سراج في نادي دوحة الميماس ومنها “ياآنسة ويامدام ترفقو فينا حرام” بينما غاب عن حفلات نادي الخيام ولم يقدِّمه أحداً بعده إلَّا أبو الخير وإثر غيابه في نادي الخيام لمع الزجال غسان عوض وكان محمد خير الكيلاني ممثل النادي الأول ومغني بفرقة الموشحات الأندلسية فأدَّى بعضها بحفلاته.
وفي ختام حديثه بيَّن أنَّ المونولوج بدأ بالانحسار مع تقاعد نجومه الكبار ثم آل إلى الانقراض تدريجياً لأنَّ أغلبها انتابها ضعف في الكلمات والألحان وفضَّل مقدِّموها وضعها بأنفسهم، وتخلل أداء الكثير من الوقفات لإلقاء النكات على المسرح ما أضعف من قيمته كشكل غنائي.