لميس عودة:
ليس فصاماً عن الواقع السوري المنجز والمستكمل تحريراً للأرض، ودحراً للإرهاب عن كامل الجغرافية السورية فحسب ذلك الذي يعتري أردوغان بهذيانه بمنطقة يريد سلخها واحتلالها من الأراضي السورية بذرائع أمن مزعوم، بل هو تورم الأطماع التوسعية والانتهازية باستغلال الظروف الدولية، وهو التوصيف الأبلغ للترهات التي يهذي بها بين الفينة والأخرى رئيس النظام التركي.
إذ من الصفاقة أن يخرج أردوغان ويدلي دلوه في الشأن السوري متحججاً بإعادة لاجئين هجروا بفعل إرهاب أدواته، فمن فتح حدود بلاده على مصراعيها لتدفق كل شذاذ الإرهاب العالمي ليعيثوا تخريباً وإجراماً في سورية، ومن سفك الدم السوري ويمارس اللصوصية والعربدة العدوانية بحق أهلنا في الشمال والجزيرة، ومن جعل إدلب خزاناً لضخ إرهابيين ينفذون أجنداته التخريبية لا يجوز له الحديث عن أمن السوريين ولا حتى طرح حلول مفخخة.
يشكل تحرير إدلب وإنهاء وجود “النصرة” وتفريخاتها الإرهابية سواء بالعمل العسكري الميداني أم بحلول سياسية هاجس ذعر لنظام الإرهاب التركي لأنها أهم الأوراق التي أشركته كضامن للإرهابيين في “أستانا” ويستند عليها بتدخله السافر واعتداءاته على الأرض السورية.
يدرك الانتهازي التركي أن تأمين الشمال وتجفيف بؤر الإرهاب في إدلب وأريافها حاضر بقوة ولم تغب يوماً عن الاستراتيجية السورية وأجندات التحرير، وإن منحت الدولة السورية انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية وحقناً للدماء وحرصاً على أرواح مدنيين تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية، منحت أردوغان الفرص للإيفاء بالتزامات اتفاقات خفض التصعيد، لكن النظام التركي لم يلتزم ببنودها ومازال يخاتل لتحقيق أوهامه الاحتلالية.
ولأن معركة تطهير الشمال من البؤر الإرهابية بشقيها السياسي والعسكري ستحمل من النتائج والانعكاسات ما لا طاقة لأردوغان بتحمل تبعاته لجهة بتر ذراع أطماعه التوسعية، ومن جهة أخرى ارتداد ما ستسفر عنه من تحرير وبالاً إرهابيا عليه، يراوغ مجدداً تحت مسميات مناطق آمنة مسمومة، لكن رياح إقرار التحرير سواء بالتسويات أو بالعمل العسكري ستجري بعكس مبتغاه، وستطوي الدولة السورية صفحة إرهاب الشمال، وتقفل البوابة الشمالية التي يتسلل منها اللص التركي ليعتدي وينهب ويرتكب الإرهاب المنظم.
فأجندات الحسم العسكري لتحرير إدلب واستعادة المحافظة المختطفة من قبل إرهابيي أردوغان مدرجة بقوة على طاولة الميدان، وإن أعطت الدولة السورية فيها حيزاً للتهدئة كجسر سوري ممدود لتأمين المدنيين الذين تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية يحتمون بها، لكن بالمحصلة بوابة الإرهاب الشمالية ستغلق نهائياً بقرار تحدد سورية توقيته وآلية تنفيذه.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في هذا السياق، خلال المقابلة مع قناة روسيا اليوم، أن سورية ستقاوم أي غزو تركي لأراضيها وقال: إذا كان هناك غزو فسيكون هناك مقاومة شعبية بالمرحلة الأولى.. طبعاً في الأماكن التي يوجد فيها الجيش السوري وهو لا يوجد في كل المناطق في سورية، وعندما تسمح الظروف العسكرية للمواجهة المباشرة سنفعل هذا الشيء..
منذ عامين ونصف العام حصل صدام بين الجيش السوري والتركي وتمكن الجيش السوري من تدمير بعض الأهداف التركية التي دخلت إلى الأراضي السورية.. سيكون الوضع نفسه بحسب ما تسمح الإمكانيات العسكرية.. عدا عن ذلك سيكون هناك مقاومة شعبية.
لن يفيد أردوغان اليوم مناوراته في سوتشي وأستانا ولا حتى الإتجار القذر بقضية اللاجئين السوريين، وحبل الاحتيال الذي يلعب عليه بذريعة تأمين حدود بلاده من ميليشيات الانفصال لتبرير عدوانه السافر على الأراضي السورية ستقطعه الدولة السورية كونها صاحبة السيادة على أراضيها، فلا مكان للإرهابيين والغزاة والمحتلين على الأراضي السورية، وإن كل شبر تراب سوري ستتم استعادته، تلك هي البوصلة في كل خرائط التحرير السياسية والعسكرية المرحلية والمستقبلية، وأولى أولويات الاستراتيجية السورية كثابت لا يتغير، وفي إدلب ستكون الكلمة الفصل للدولة السورية أبلغ من كل جعجعات أنقرة، وأكثر دوياً من مهاترات أردوغان.