الثورة – آنا عزيز الخضر:
علاقة الفن بالواقع، معادلة متماسكة ﻻ يكتمل جانب منها إﻻ بوجود الآخر، فكل طرفٍ يذهب إلى تاليه بتلقائية مطلقة، حيث ﻻ توزان لطرفٍ دون مقابله، فالفن يحكمه الفشل إن ابتعد عن واقع المتلقي، لكن ﻻ بد أن يقدم بصور جميلة يتخلّلها الأمل مهما كان قاسياً..
من هنا يحقق تميزه إن اتكأ عليه، لذلك نراه مع كل عمل ناجح، يخرج إلى النور..
من الأعمال الواقعية الجديدة “نوافذ موصدة”. تأليف وإخراج “ثائر حديفة”، الذي قال عن علاقة عرضه بالواقع، وعن الحلول التي أوصلت الطروحات وتفاصيل أخرى:
“بدأت الفكرة، منذ بداية تأسيسي لـ “تجمع ليليت” لنقابة الفنانين، ومن خلال الواقع المعاش والصعب للإنسان السوري، وما يحيط به من كوارث نفسية واقتصادية وسياسية، إذ أردت من خلال النص أن ألقي الضوء على بعض ما يدور حولنا من قهر وعوز، وحاولت البحث عن فسحة أمل ولو كانت بسيطة، لنعاود النهوض من جديد، علنا نبدأ مرحلة جديدة، قوامها القيم النبيلة والمحبة والعطاء، كما اسطورة العنقاء التي تولد من رمادها من بعد الاحتراق، وترجمت ذلك في نهاية العرض بالطفل حذيفة الذي حمل آلة الموسيقا ليبدأ من جديد.
كما كانت أسلوبية النص متداخلة ومنسجمة، فقد حملت أسلوب الحوار الطبيعي والبسيط، والكثير من الأفكار، كما حملت أسلوبية النص المقولات التحليلية العميقة، وبعض الإشارات والدلالات الحركية، من خلال المشهدية المسرحية كي توحي بقضايا واقعية متنوعة..
أما الأسلوب الإخراجي، فكان يعتمد على عدة مدارس للإخراج المسرحي، منها الواقعي ومنها التجريبي، حتى أنني قمت ببناء بعض المشاهد بأسلوب المشهدية السينمائية، وذلك بعكس مفهوم الكلام البسيط المنطوق إلى معنى حسي وروحي عميق، يحمل أبعاداً ربما تعجز الأحرف عن ترجمتها.
إن عرض “نوافذ موصدة”، عبارة عن فسحة أمل تحمل في ثناياها كماً هائلاً من الألم والمعاناة، وهو أشبه بحالة المخاض التي تسبق الولادة، رويت على لسان مجموعة من الممثلين المتميزين.
لاقى العرض إعجاب واستحسان الجمهور الذي تابعنا بشغف ومحبة، فكانت تمتزج ضحكاته بدموعه كما هو حالنا اليوم”.