ثورة اون لاين :
لازال العالم يتحدث عن وباء كاسح ينقض بقوة ويبعث الرعب والهلع في قلوب الناس، وباء لا يكتفي وهو لا يكتفي بالأضرار الجسيمة التي يلحقها بصحة الإنسان المصاب، بل يهاجم بقسوة جهازه المناعي، الذي لا يلبث أن ينهار فيقع فريسة سهلة بين مخالب أمراض عديدة سرعان ما تقضي عليه وتزهق حياته.ذلك هو مرض الإيدز، أو ما يعرف باسم السيدا، أو متلازمة العوز المناعي المكتسب، وهو آخر مراحل العدوى بفيروس العوز المناعي البشري، ويمكن أن يستغرق وصول الإنسان حامل الفيروس إلى مرحلة مرض الإيدز عدة سنوات بعد الإصابة العدوى، وقد يلقي المرضى حتفهم خلال سنوات محدودة بعد تشخيص الإيدز. أما لماذا التحدث عن هذا المرض الآن؟ فذلك لأنه يكاد يصبح شبه وباء في المنطقة العربية، لان الحديث عن الإيدز عام 1981 حيث كان عدد الحالات يعد على الأصابع في كثير من الدول العربية هو مرض ينتقل فيروسه عن طريق الدم الملوث أو مشتقاته واستخدام حقن ملوثة به كما ينتقل من الأم الحامل إذا كانت مصابة إلى وليدها قبل أو أثناء الولادة، فيخرج إلى الحياة حاملا في دمه فيروس الموت.
ولماذا القلق لان هذا الفيروس ينتشر مع انتشار الفقر والبطالة والنزاعات المسلحة بالإضافة إلى حالات اللجوء والهجرة وعدم المساواة بين الجنسين، والعنف المبني على التمييز الجنسي، مثل الاتجار بالمرأة، والوصمة، والتمييز، المرتبطان بفيروس نقص المناعة البشرية.
وبحسب الدكتور غسان شحرور عضو الشبكة العربية للأمن الإنساني: إن ما يدعو إلى القلق أن الإنسان الذي يحمل هذا الفيروس، يبدو طبيعيا تماما، ولا يعاني من أي شيء غير عادي وهذا ما يساعد على انتقال العدوى منه إلى الآخرين، فيسهم ودون أن يدري في انتشار عدوى المرض، لذلك أصبح من الضروري كشف إصابة الأشخاص الذين يحملون هذا الفيروس، من أجل الوقاية ومنع انتقال العدوى، وفي سبيل ذلك لجأت معظم الدول إلى توفير الفحص المخبري الذي يكشف الأشخاص الحاملين لهذا الفيروس، وجعله مجانا وفي متناول الجميع، وقد قامت بعض الدول بجعل هذا الفحص إجباريا عند التقدّم للعمل في بعض المهن، أو لدى بعض المسافرين.
أرقام مفزعة واستجابة متأخرة
ومن خلال تناول هذا الموضوع عربيا يؤكد شحرور أن معدل الازدياد بدأ يرتفع منذ عام 2001 إلى درجة أصبحت المنطقة الآن من أكثر مناطق العالم في معدل الازدياد، فبعد أن كان العدد في عام 2001 نحو 30 ألف ارتفع إلى أكثر من400 ألف في عام 2012 خاصة بسبب العدوى الجنسية، إن هذا الارتفاع في المنطقة العربية يجعلها موطنا لواحدة من أسرع الأوبئة نموا في العالم، ويدل ذلك أن ما اتخذ من خطوات وبرامج توعية لمواجهة هذا الوباء قد فشلت في وقف زحفه وانتشاره. وهذا يعني أيضاً أن أعدادًا كبيرة خاصة من الشباب سوف تنضم إلى صفوف المصابين، وبالتالي حدوث خسارة كبيرة في هذه الفئة المنتجة، مع زيادة حاجة المجتمع إلى برامج علاجية مكلفة جداً، تستنزف قدراتنا البشرية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، ويزداد الطين بله في المجتمعات الفقيرة أصلا، كما يشكل وباء الإيدز خطراً لا يعرف الحدود بين الدول العربية الأمر الذي يحتاج إلى مواجهة إقليمية صارمة وشاملة تنطلق من تبني إستراتيجية وطنية وإقليمية محورها تحالف قوي للمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وعليه فإن السؤال الأهم هل ستتعاون وزارات الصحة العربية لاعتماد إستراتيجية عربية لمكافحة الإيدز خلال السنوات القادمة . وفي حال وضعت هذه الإستراتيجية فهل سيتم تطبيقها بنجاح، وتحقق كامل أهدافها المنشودة، إذ أن سجل العمل العربي الحافل بالإخفاقات يدعونا إلى المطالبة بتفعيل دور المجتمع أكثر وأكثر، لاسيما في تعزيز التوعية والمناصرة وحشد الموارد والرصد الدوري من أجل مواجهة هذا الوباء القاتل الذي يسدد ضربات موجعة إلى أمن الإنسان في كل مكان.
ميساء الجردي
السابق
التالي