خاصة حين ظهورها للمرة الأولى، في عروض الأزياء العالمية بحضور شخصيات شهيرة، سرعان ما تنتشر صور أهم الأزياء وتعرف ” بماركاتها الشهيرة، وحينها تتلقفها أيدي المشاهير والاثرياء لتعبر إليهم بمبالغ خيالية تشعرهم بتميزهم.
لسنا في وارد فلسفة الحالة أو الحكم عليها، بل مقارنتها بما نعيشه حالياً من “ماركات ثقافية”.
الاختلاف بينهما لا لبس فيه، فالماركة الثقافية أياً كان نوعها ” دار نشر، روائي، رسام، مسرحي، ممثل….” هي بمثابة دعوة لإبصار جديد للعالم على عكس ماركات الألبسة ومشتقاتها التي هي مجرد دعوة شكلانية.
إن كانت العلامات المختصة بالألبسة… تنمط منتجاتها غالباً، إلا انها تجذب المستهلك المنشود ليصبح أسيراً لديها، على عكس الثقافية الهادفة إلى ضمان جودة منتجها الثقافي وتحقيق الغاية الفكرية دون نسيان الربح.
ولكن ألا تبدو بلداننا قاصرة في صنع منتجات ثقافية تتحول إلى ماركات يمكن لنا الانجرار خلف مضامينها، كما نفعل حين نتمسك بعطر بعينه، ما إن تتلمسه أيدينا حتى نعتبره خلاصة العطور جميعها…!
ربما ما يخيفنا حين نقارن بين النوعين.. أن يكون انزلاق الثقافة نحو الماركات مجرد حالة آنية خاضعة لشروط المنفعة ذاتها التي تحرك الأشياء بماديتها التي لا يمكن أن تعطي للفكر سوى عقمه حين يدخل في اندراجه تحت خطوط موضة غير قابلة للعيش الا آنيا سرعان ما تتلقفنا موضات لا حصر لها، جميعها تتبناها شركات ثقافية، تختلف فقط في منتوجاتها .
لا شك أن المقارنة بين الشكل والروح والفكر عبثية، وضدية إلى أبعد حد، إذ إن المنتمين لعوالم زخرفة الشكل لا يتحررون من انتمائهم بسهولة، على عكس معتنقي الماركات الثقافية، المنفلتين من كلّ القيود وأي انتماء يخالف قناعاتهم، يستخلصون الجمال الحقيقي حتى من قماش مهلهل، عقولهم المبدعة قادرة على إعادة تدويره لينطق بإبداع أثمن من كلّ الماركات…!