الثورة – آنا عزيز الخضر:
“الدار”.. هو عرض يتجول بامتياز، بين العوالم الخاصة والعامة، فكل شخصية لها حياتها، مشاكلها، عقدها، إحباطاتها وصعوبات حياتها.. كل ذلك يتيح للممثل، معايشة جميع الحاﻻت التي يجسّدها، ويتقمص انفعالاتها..
من هنا كان عرض “الدار” مشروع تخرج، وهو ارتجال جماعي اشتغل عليه طلاب قسم التمثيل ـ السنة الرابعة، وكان عرضاً متميزاً.
يدور العرض حول دار للعجزة، وكيف تغلب المال على رعايتهم واحتوائهم، ضارباً بعرض الحائط كل ماهو إنساني.. كل شخصية في العرض كان لها متاعبها ومشاعرها، ومطبات في حياتها، أداها الطلبه باقتدار واحترافية جذابة، خصوصاً أن النص مرتجل، وهو من إخراج الفنان “فايز قزق”.
حول العرض تحدث الفنان “درويش عبد الهادي” قائلاً: “الموضوع يتمحور حول دار للمسنين في دمشق.. الحدث البدئي في العرض، هو الخبر الذي يذيعه مدير هذه الدار للعجزة، وبأن هناك مستثمرين قدموا صفقة لشراء هذه الدار، وتحويلها إلى مول تجاري ضخم.. أي إنه سيقوم بهدم هذه الدار…
تبدأ الأحداث والاحتجاجات من قبل العجزة، على المصير الذي ينتظرهم.. تعقد الاجتماعات بينهم، وتحصل بعض الخلافات من خلال تطور الأحداث، فتتكشف بعض الشخصيات أثناء تطور الأحداث، وصولاً إلى الاجتماع الأخير مع الوزير الذي يؤكد لهم، أن المشروع قائم لا محال، ولا يوجد أي خيار آخر، لكن مصير العجزة هو القبو أو القبر.. بمعنى آخر، لا أحد من الإدارة مكترث لهذا، فكل منهم ملتفت إلى مصالحه الشخصية وحصته من المول الجديد..
تبدأ عمليات الهدم والحفر على رؤوس العجزة في المشهد الأخير، ونشهدهم قد تحولوا مجازاً إلى ركام أو تماثيل قديمة، دفنت من أجل المال والحداثة..
بالنسبة لشخصيتي، فهي تحمل اسم ماجد حمود، وهو مختار حي دمشقي قديماً، وقد ورث هذه المهنة عن والده.. أكمل إرث أبيه وبنى وقدم لأولاده، لكن ما صدمه منهم أنهم عاملوه بطريقة غير متوقعة، فقد تخلوا عنه بعد أن وزع كامل أملاكه عليهم، وعندها يدخل المستشفى التي ينقله إليها شقيقه، بعد صدمته وخيبة أمله بما فعله أبنائه، وعندما يصحو يكون جهازه النفسي قد حذف ما قاموا به، وخلق عالم افتراضي جديد لحمايته.. أي بما معناه في علم النفس، عاش (اضطراب ما بعد الصدمة )، وعند دخوله إلى الدار نراه يتبنى حالة العز والجاه الذي ظل يظن نفسه فيه، ويقول إن أولاده قد سافروا إلى دراستهم وأعمالهم، وأنه ظل وحيداً، ولهذا السبب قدم إلى الدار..
لكن، ومن خلال ما شاهده في آخر سنوات حياته، قبل الدخول الى الدار، وتغير الزمان والنفوس، بدأ يخاف على أملاكه التي مازال يظن أنها بحوزته، وبدأت عوامل “البرانوريا” الخوف من المحيط على ممتلكاته، تتضخم إلى أن انكشفت الحقيقة على لسان أحد النزلاء في الدار، وهو نادر صديق ماجد منذ الطفولة وأيام الدراسة، ولكن ماجد كان قد نسيه ونسي كل شيء.