أول مرة نطقتْ بالكلمة، كان حين سألها إن كانت تحبّه.. بقيت محتفظة بجوابها شهوراً عديدة..
ثم فجأة، في إحدى أمسيات الصيف وجدت نفسها تمسك سماعة الهاتف وتعترف بمضمون الكلمة دون أن تنطقها.
بلذةٍ شقيّة، فيها فرح التقاط ذكريات الحبّ الأول وما يخالطه من عفوية وبراءة، تتذكر كل ذلك حين علمت أن كلمة (أحبّك) أصبح لها يوم عالمي للاحتفاء بها في الثاني من شهر تموز من كل عام.
مناسبة جعلتها تسترجع كل المرّات التي أحبّت بها أو نطقت بكلمة (أحبّك)..
وقليلة جداً هي تلك المرّات التي أحسّت بها بمفعول هذه الكلمة يسري في جسدها وينعش روحها..
لتصل إلى قناعة، ربما، تخصّها وحدها: كلّما قلّت حالات الحب والعشق وندر حدوثه لنا، كلّما أصبح مفعوله داخلنا أكثر قوةً وتأثيراً..
فالحبً لا يأتي صدقةً أو تسولاً ولا إشباعاً لحظياً..
إنه “الندرة” الصادقة.. في زمن “الكثرة” الوافرة والمجانية.
ما لحظتْه في الثاني من تموز الحالي، اليوم العالمي لكلمة “أحبّك”، أنها لم تلقَ احتفالاً (افتراضياً)، كما عادة ذوي الموقع الأزرق وبقية تطبيقات الافتراض، في المبالغة تكراراً لأي مناسبة أو حدث يمرّ في أجندة يومياتهم.
ولا تعلم إن كان ذلك مؤشراً إيجابياً أم العكس..؟
فهل نجت كلمة (أحبّك) من فوضى وعبث السوشال ميديا..؟
أم تناساها رواد مواقع “الافتراض” عمداً..؟
في زحمة تسويق المشاعر بالمجان..
يبدو أن النطق بكلمة “أحبّك”، أصبح عبئاً وفائضاً عن الحاجة..
سلعة (لفظية) لامجال لنطقها..
لأنها ستكون لغواً لن يكسر برودة البُعد.. الذي تُنشئه علاقات “أونلاين” تهوى تصيير الإنسان آلة دون أي إحساس أو قدرة على الحبّ أو منحه.
(أحبّك).. في المرّة الأولى التي أحسّت بها عبّرت عنها دون أن تتلفظها..
وتفكّر.. ربما تمنّعت عن ذكرها وقولها مباشرة بسبب حياء المرّات الأولى الذي يداهمنا ويمنعنا عن عيش متعة اكتشاف جمال لحظات الحبّ “البكر”.
أما الآن..
فحين تنطق بكلمة (أحبّك).. تعاد لها الحياة مرّات مضاعفات..
تتمدّد لحظات العيش ويصبح العمر لانهائياً..
تُمنح طاقةً لا تنضب وجمالاً خُلق لمباشرة لحظة حبّ دون أي خجلٍ أو خفر..
لأنه (الندرة) الصادقة في توقيت كثرة (الأونلاين) المجانية المنفرة.