يشغل بال السوريين اليوم تراكمات وصبر عام دراسي كامل لنيل أبنائهم شهادة الثانوية العامة والتي تخضع هذا العام وغيره من الأعوام الأخرى إلى تجاذبات تعلو سلبياتها على ايجابياتها منذ صدور النتائج في السابع من الشهر الحالي.
وبعيداً عن تباين الاعتراضات بين محافظة وأخرى وأرقام الراغبين والراغبات بالدورة التكميلية ،لابدّ من الإشارة إلى بعض الثغرات حيث من الواجب تلافيها وفق هذه الظروف في كلّ موسم تصحيح من قبل وزارة التربية والذي بات بمثابة عقوبة معنوية ومادية باعتباره لا يوفر الشروط المطلوبة لنجاح مناخ مهمة التصحيح بما تحتاجه من تكاتف وتعاون وغيره .
لعلّ الإجهاد والضغط في إنجاز المهام يعود الى قلة أعداد المعلمين والمعلمات الملتحقين بمراكز التصحيح لعدم توفر المواصلات بالدرجة الأولى وابتعاد مراكز التصحيح جغرافياً بين الريف والمدينة ،فمن الصعوبة بمكان أن يلتحق مدرسو ومعلمو ريف دمشق الغربي على سبيل المثال لا الحصر من قطنا وبقعسم وقلعة جندل وغيرها من القرى والبلدات الأخرى للوصول إلى المركز الامتحاني في برزة بيسر وسهولة ،فالمعادلة تحتاج خروج مبكر من المنزل والتنقل بأكثر من سرفيس أو واسطة نقل في حال توفرت، ناهيك عن الوصول المتأخر لما بعد الساعة التاسعة، بالمقابل هذا المصحح وتلك المصححة سوف يضطران أيضاً للخروج الساعة الثانية بعد الظهر للوصول إلى مناطقهم قبل الساعة الخامسة مع دفع أجرة متوسطة ما بين ثمانية إلى عشرة آلاف ليرة يومياً، ما يشكّل عبئاً مادياً ونفسياً وتعباً جسدياً يؤثر بشكّل وآخر على الطاقة والقدرة للعمل بمحبة واتقان.
هذا الجانب من المعاناة يستدعي من وزارة التربية منذ الساعة الأولى لتقديم الامتحانات أن تؤمن وسائط النقل بما يناسب طبيعة المناطق ريفاً ومدينة، وصرف مكافآت تشجيعية محفزة تليق ببناة الأجيال ،مع وجوب إلزام المعلمين والمعلمات الجدد الالتحاق بمراكز التصحيح للتدريب والاستفادة من خبرات الزملاء في التعاطي مع سلم التصحيح.
فعندما تكون الأعداد كافية من الكادر المؤهل لكلّ موسم تصحيح لاشك أنه يختصر الوقت والجهد والضغط النفسي، وتقل إلى حدّ كبير نسبة الأخطاء وتصبح النتائج أكثر أماناً، مايعزز الثقة بين أطراف المعادلة التربوية والمجتمعية.