كثيراً ما نعدد مآثر حضارتنا وعراقتنا، ونباهي بأننا ننتمي إلى عصور تألق فيها العرب بعلومهم وفنونهم واختراعاتهم، وبرز منهم العلماء والمفكرون والأدباء والشعراء والموسيقيون نعم -الموسيقيون- ألسنا من أوجد النوتة الأولى، وقد قيل” إذا أردت الحكم على مستوى شعب فاستمع إلى موسيقاه”.
ولا يختلف اثنان أننا نملك ذاك الإرث العريق من الموسيقا، وما زالت ألحان موسيقانا تصدح في أرجاء المعمورة، وفي المحافل الدولية عندما نخضع لأجندة المنافسة.
والمفارقة العجيبة أنه ورغم هذا الاعتزاز والفخر الذي نحمله بين حنايا الروح، لا تزال موسيقا الغرب وحكاياتهم هي التي تحتل المكانة الأولى في أنشطتنا، وهذا ما شاهدناه في دار الأسد للثقافة عندما رافقت الأطفال برحلة إلى مدينة الأحلام، على متن حفل موسيقي من موسيقا حكايات ديزني.
فقد عزف الأطفال واليافعون وبمشاركة أساتذتهم موسيقا من عالم ديزني وحكاياتهم الشهيرة، فهل كانت موسيقانا قاصرة عن تحقيق الهدف في إمتاع الأطفال، وتعريفهم بإرثهم الموسيقي، ليفخروا بأنهم أبناء حضارة موسيقية عريقة، وبأنهم ينتمون إلى البلد الذي أوجد هذا العالم السحري، وكثيرة هي حكاياتنا التي يمكن أن تمتّعهم وتأخذهم إلى أحلام وردية من صنع أبناء جلدتهم.
ولا ننكر بالطبع على الأجيال أن تتطلع وتتعرف على موسيقا الشعوب الأخرى، وتحاكي فنونهم، فهذا التعايش والتبادل الثقافي يغني الذائقة الفنية لديهم ويغني ثقافتهم، ولكن بألا يأخذهم إلى عالم ينكرون فيه ما حققه الأجداد على الصعيد الفني والفكري والثقافي.
وربما هي سنة تتبعها المعاهد والأكاديميات في بلدنا، فمشاريع التخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية تقتبس من نتاجات وآداب الغرب، وامتحانات المعاهد الموسيقية تعتمد موسيقا الفنانين العالميين معياراً للنجاح، ويبدو” أن مزمار الحي لا يطرب” ورغم ذلك ندعي أننا نقوم بأنشطة تعزز الانتماء والمواطنة لدى أبنائنا.
جهود مباركة تقوم بها المؤسسات الثقافية، وخصوصاً فيما يتعلق بالأطفال وربطهم بدور الثقافة، ومشاركتهم في العروض الموسيقية والمسرحية، ولكن هل نعيد ترتيب الأجندة بما يحقق السلام الروحي في موطنهم الأغلى؟