حصرهم أمر متعذر، وإن استطعنا بشكل تقريبي الحصول على رقم إحصائي لعمالة الأطفال فبالتأكيد سيصدم العين والقلب، وأن يكون الأطفال قيمة اقتصادية يحرص الآباء على إنجابها من أجل دخل أكثر فتلك ظاهرة مثيرة للقلق، وإن اقتصر عملهم على عطلة الصيف،لأن مكانهم الطبيعي في المدارس والحدائق والمكتبات،وفي بيوتهم، يلعبون مع أولاد الحارة أو في رحلة عائلية، وهذا ليس الوضع الاجتماعي والإنساني بل أيضاً القانوني.
جاء في المادة ٣٢ من حقوق الطفل:”تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي”.
بحجة تعليم الطفل الاستقلالية وتحمل المسؤولية والشعور بكم التعب الذي يبذله الآباء لتحقيق أحلامهم في أبنائهم،يدفعون بهم إلى سوق العمل لأنه ومن وجهة نظرهم العمل المبكر في مصلحتهم ويصقل شخصيتهم لخوض تحديات حياتية كبيرة ويزيد من خبرتهم الحياتية،ويغيب عن بصر هؤلاء الآباء ماقد يتعرض له صغارهم من إيذاء جسدي ونفسي إضافة لابتعادهم عن حياتهم الاجتماعية وافتقاد براءتهم وربما خسارته للعلم والتعلم.
لامبرر لأي أسرة تجبر صغارها على النزول إلى سوق العمل وإن كان الفقر هو الدافع الأقوى لعملهم، وهذا الكلام ليس تنظيراً وتسطيراً عن بعد، إنما حقيقة وحلم أسرّ به أطفال يعملون في (الخياطةـ تصليح السيارات ـ نجارة ـ مطاعم) أثناء حديثنا معهم أكدوا رغبتهم بتفعيل قانون منع تشغيل الأطفال واقترحوا ضرورة وأهمية تنظيم لجان الحي لنشاطات ترفيهية وتعليمية.
للبناء،للنهوض، للغد الأجمل، يجب أن نولي أطفالنا الاهتمام والرعاية والعناية بالفعل وليس بالقول فقط، والمجتمعات التي تدفع بأطفالها لدخول العمل في وقت مبكر من العمر هي مجتمعات تشيخ باكراً لتوقف ضخ دماء الحياة لبقائها واستمراريتها المتمثلة بالطفولة.