الجميع متفقون على قاعدة واحدة أن البناء والهدم يتمان من الأساس، وليس هذا في الإسمنت فقط بل في المجتمع والأسرة، وبالتالي في الرياضة.
أعطني منتخباً عملاقاً بنجوم كلهم من مستوى مارادونا في الهجوم، وزيدان في الوسط، ومالديني في الدفاع، وداساييف في المرمى سأقول لك إنه منتخب سيذهب إلى قطر ومعه حقيبة فارغة لوضع كأس العالم فيها والعودة به، ولكنك عندما تخبرني أن هذه الرموز ستكبر وتشيخ دون أي بديل لها، فلا يوجد لهذا المنتخب أساس، وهو مثل ذلك المطرب الذي يقدم أغنية تكتسح العالم ثم لا تسمع عنه بعدها شيئاً ولا تتذكره لا هو ولا أغنيته.
هذا هو السر الذي أدركته العقول المتطورة في كل مناحي الحياة وفي الرياضة أيضا، وهذا ما ندركه ولم نعمل عليه حتى الآن، السر في الأساس، في القواعد وليس في الفوز بمباراة أو كأس أو دوري أياً كان مستواها عربياً أو عالمياً، العائلة لا تنجح بشخص ناجح تعيش ذريته على ذكراه بل تنجح باستمرار التفوق في الأبناء والأحفاد، هذا هو السر للتفوق في الرياضة كما في جميع مجالات الحياة، هو سر تفوق الأشخاص كما هو تفوق العائلة والمجتمع، الكل مترابط مع بعض.
بعد هذا الكلام الطويل بعض الشيء نود أن نلفت النظر لمشهدنا الرياضي السوري، وإلى ما نحتاجه فعلاً في إعادة إعمار رياضتنا بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، ما نحتاجه هو الأساس والقواعد، بكل صراحة نقول إن المواهب الحقيقية في كرة القدم من النادر أن تجدها بين الأطفال الحاصلين على نمط مرفه في الحياة، أولئك الذين يحصلون على أفضل دراسة وأفضل تغذية..الخ، المواهب موجودة في الأحياء الشعبية، وكي نصل إليها يجب أن نمتلك المال، فعندما يكون لدي المال فأنا أستطيع أن أصنع من ذلك الطفل بطلاً، لماذا؟ لأنه سيحتاج إلى الغذاء الأمثل، والتعليم الأفضل، والتدريب الأكمل، وكل هذا يحتاج إلى المال الذي يمتلكه الطفل بل أمتلكه أنا، ومن أين آتي بالمال؟ الجواب بمنتهى البساطة هو: (ممن لديهم المال ويحبون أن ينفقوه ليصنعوا أبطالاً رياضيين لمستقبل أنديتهم وبلدهم) بهذه البساطة.
أخيراً يوجد حدث مهم جدا يُجب التحية للاتحاد السوري لكرة القدم فقد أنهى الاتحاد إجراءات التعاقد مع الثنائي الهولندي مارك فوت وفيركو فان بورن من أجل الإشراف على الفئات العمرية لمنتخبات نسور قاسيون لمدة 4 سنوات.
وتمنى صلاح رمضان رئيس اتحاد الكرة السوري، أن يكون باكورة العمل مع مارك فوت وفيركو فان بورن رسم مستقبل الكرة السورية من أجل بداية البناء من القواعد.
والهولنديان صاحبا الخبرة أكدا أنهما سيقدمان أفضل ما لديهما بنسبة 100% لتطوير كرة القدم السورية.
هذا هو الكلام السليم، هنا نبدأ فعلاً بالبناء من الأساس، ونتمنى أن تحظى هذه الخطوة الممتازة بالنجاح وبالدعم المالي، وها نحن دائماً نعيد ونكرر المعادلة الذهبية التي تقول: (الرياضة صناعة والصناعة مال).
السابق