بين نفيها تارة وتأكيد تارة أخرى ولمرات ما بين فترة زمنية ولاحقة، جعلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المواطن في حيرة من الأمر يضرب الأخماس بالأسداس، مع الاستغراب من قرارات الوزارة التي بدت غير مستقرة، وكأنها تطلق من دون دراسة مسبقة تعتمد التأني والإحاطة بجميع جوانب موضوع مهم للغاية في حياة المواطن، بل هو ركيزة استمرار عيشه اليومي.
إذ يبدو أن موضوع الخبز وآلية توزيعه وتحديد مخصصات الأشخاص منه بموجب البطاقة الذكية، أصبح الشغل الشاغل للوزارة منذ اعتماد توزيعه وفق جداول المستحقات حسب عدد الأشخاص، وبعد أن حددت المعدل الوسطي لاستهلاك الشخص من وجهة نظرها، من دون ملامسة ومقاربة للواقع اليومي والفعلي لاستهلاك الخبز، وزيادة معدل الاستهلاك للأفراد المخالف للتقديرات حكماً.
فهناك مناطق الأرياف في المحافظات التي يعتمد نظام غذائها اليومي على الخبز كمادة رئيسية ما يزيد من معدل الاستهلاك بكثير، خاصة في ظل وجود الكثير من الأفران التي لاتتقيد بالأوزان المحددة لربطة الخبز، وتنتج أرغفة صغيرة تفتقد لمستوى رغيف الخبز، مع غياب أية مواصفات للجودة أو النوعية المطلوبة.
ولم يكن قرار الوزارة بتخفيض المخصصات لشريحتي الشخص والشخصين يحتاج كل هذا التردد، وما أحدثه من أخذ ورد وتأويلات وتحليلات مختلفة للكثيرين، بقدر ماكان يحتاج توضيحاً مقنعاً ومبرراً للأسباب الموجبة له، لاسيما أن صدى القرار لم يقبل من الشرائح التي شملها التخفيض، في ضوء الحاجة الفعلية للاستهلاك، ومع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تباين نسب الاستهلاك بين أفراد وآخرين من جهة، ومناطق وأخرى من جهة ثانية.
ويلحظ أن الجدل حول القرار ما بين نفي وتأكيد، أثار تساؤلات الكثيرين عن انشغال وزارة معنية بحماية المستهلك بأمر كهذا، وأين هو انشغالها واهتمامها المفروض أن يكون أكثر فاعلية في متابعة واقع الأفران، ومشاكل الحصول على الخبز، والازدحام والعشوائية على العديد من الأفران، وعدم الالتزام بالوزن والنوعية، وما يسببه باعة الخبز أمامها من مشاكل ، وعدم تقيد معتمدي الخبز بشروط محددة لتوزيعه، وغير ذلك.
ماجعل قرار التخفيض خارج المرمى والهدف المحدد، مع آمال الشرائح الأخرى بألا تشملها تخفيضات قادمة، ومع ضرورة تفعيل حضور الإشراف والمراقبة على الأفران، فالواقع يحتاج متابعة آنية وإجراءات حازمة في محاسبة المخالفين، لتكون القرارات صائبة وفي الاتجاه الصحيح بشكل عام.