في مقاييس الجمال.. جمال الروح والحضور أولاً

 

في جوهر الأمور يبقى الاهتمام بجمال الإنسان، والمرأة تحديداً، حالة مطلوبة، وهي مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر، لكن المبالغة والإفراط في هذه المسألة، أمر مرفوض اجتماعياً، فجمال الروح والحضور والتفاعل هو من يقرب النفوس والقلوب.. وصدق من قال: كن جميلاً، ترى الوجود جميلاً.
وقالوا في الأمثال: “لا تختر عروساً من حفلة عرس”.. ومعنى المثل أن لا تخدعك المظاهر وتتريث في إطلاق أحكامك على ما تقع عليه عينك، فليس كل ما يبرق ذهباً.
وما نراه اليوم من أدوات تجميل في المناسبات وغيرها، يوقعك كثيراً في مطب الأقنعة، التي تسقط أمام مواجهة الحقيقة، في وقت صارت الوجوه الضاحكة تخفي خلفها ما تخفي، حتى باتت الحقيقة وحدها، من تتحمل الضربات، ليس بالكلام وحده، بل تعدى الأمر لتغيير المظهر، والشكل عموماً، وسط حالات من الهرولة نحو أطباء وعيادات التجميل، ودفع مبالغ خيالية لتغيير في الشكل، بصورة مؤقتة، أو دائمة، حيث انتشرت عمليات النحت، والشد، والشفط، وتغير لون العيون بالعدسات والضحكة، والابتسامات الهوليودية، وحتى تبديل الشكل، ليشبه شخصيات معروفة، ومشهورة، ومن يعارض أو ينتقد هو خارج السياق الحضاري المزعوم السائد اليوم.
الحالة التي نتحدث عنها ليست محلية بالتأكيد، بل عالمية، رغم أنها صارت أقرب لكونها ظاهرة تستوطن المدن، والمناطق والحارات، فهناك على نطاق أوسع من جغرافية بلدنا، ما يدفع للدهشة حول حجم المال الذي ينفق عربياً وعالمياً، لأغراض التجميل والعمليات الملحقة، والغريب هنا أن هذه العدوى انتقلت، للكثير من الرجال، رغم تردي الحالة الاقتصادية في الكثير من الدول.
دوريات عربية وعالمية ومواقع إعلامية كثيرة تناولت بالعرض والتحليل، هذا الواقع وطرحت الأسئلة المثيرة، حول ما تنفقه مثلاً نساء العرب للتجميل.
لكن قبل الخوض بهذا الموضوع، لابد من التنويه إلى مخاطر التعميم، فليست كل نساء العرب مشمولات بهذا الحديث، بل الكثيرات منهن تتفوق على الرجال حضوراً، ودوراً، وأداءً.
بالمقابل هناك بعض النساء في عالمنا العربي تحتل مسائل التجميل رأس قائمة الاهتمامات المتعلقة بهن، وقد ذكرت مجموعة من الدراسات العالمية، أن إجمالي إنفاق المرأة العربية على مستحضرات التجميل، يتجاوز / ٢٥ / مليار دولار سنويًاً، حيث تتصدر المرأة الخليجية قائمة نساء العالم الأكثر إنفاقًا على جمالهن، ورشاقتهن.
فبينما يقدر سوق مستحضرات التجميل في العالم أجمع بـ /٢٥٥ / مليار دولار، تبلغ حصة السوق الخليجية منها، ما يعادل / ٦،٦ / مليار دولار، تنفق على عمليات التجميل، والتزيين، وما إليها، كما نجد أن معدل الإنفاق على مستحضرات التجميل، يتجاوز ثلاثة مليارات دولار بحسب التقديرات، حيث يبلغ متوسط إنفاق الفرد على هذه المواد، ما يقرب من / ٣٣٤ / دولار، وهذه من أكبر النسب العالمية، كما تحتل مواد التجميل الخاصة بالعناية بالشعر، مرتبة مهمة في المبيعات في السوق الخليجية، بقيمة تصل إلى حوالي/٦٢٠/ مليون دولار، وبنسبة نمو مرتفعة جدًا تصل إلى ١٦ بالمائة، مما دفع كبريات شركات التجميل والعطور العالمية إلى الهرولة للسوق الخليجي، بهدف تحويل المنطقة إلى أكبر سوق لتجارة وتسويق منتجاتها.
أما في سورية، فقد ازدهرت هذه السوق بشكل واضح، وقد كشفت السنوات الأخيرة عن ازدياد ملحوظ في عيادات التجميل، وتصدرت أسماء الأطباء الاختصاصيين، ومراكز التجميل والعناية بالجسم والبشرة، وشغلت مساحات واسعة من صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وسجلت أسعار العمليات التجميلية ومراكز الجمال، أرقاماً خيالية، الأمر الذي تبعه ارتفاعات موازية بأسعار مواد وأدوات التجميل، والعمليات المتدرجة كونها تستخدم المواد المستوردة، غير محلية، تأتي من مصادر خارجية، وتباع بالقطع الأجنبي تحديداً.
ومع ارتفاع معدلات الإنفاق المحلي على عمليات التجميل المختلفة وازدياد عدد زوار عيادات تجميل الوجه والأسنان، وارتفاع التكلفة، بشكل كبير، نقف طويلاً عند قائمة الأولويات خصوصاً أن رواد تلك العيادات من الشباب وصغار السن وغالبيتهم يسعى وراء تعديلات في الشكل والمظهر العام، غريبة عنا وعن مجتمعنا.
وأمام كل ما ذكر لا تزال تنقصنا المعلومات، والأرقام الدقيقة، حول حجم أو معدلات إنفاق السوريين على التجميل والجمال، وما لهما من مستحضرات وأدوات، حيث لا تزال هذه السوق خارج حسابات المهتمين، على ما فيها من صور وأرقام صادمة.
وكما بدأنا الحديث يبقى الاهتمام بالشكل حالة مطلوبة، لكن المبالغة فيه أمر مرفوض اجتماعياً، فجمال الروح والحضور والتفاعل هو من يقرب النفوس والقلوب بين الجميع.

بشار الحجلي

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد