نقطة اختفاء..

المَشاهِد متداخلة.. متناقضة..

سريعة.. مكررة.. آنية.. غاضبة.. فرحة.. حزينة.. راقصة..

متموّجة ومتلوّنة وفق ذهنية ناشريها ومحرريها.

سرعة تقلّب موجات صفحات “السوشال ميديا” يشي بشيء من وجه الحياة المتناقض.

تنقل لقطات حياتية، فلاشات خاطفة، مهما تنوّعت جديتها وأهميتها، واختلفت درجة صدقيتها..

باختصار، ما تفعله أنها تكثّف حضور “التناقض”.

في الأيام القليلة الماضية، برز وجها الحياة الأكثر تناقضاً على مختلف صفحات الموقع الأزرق، فظهرت ملامح (الوجع، الحزن) وغيرها من مترادفات تبثّ أخبار الموت وضحاياه، لترافقها في الآن عينه أخبار الحفلات الموسيقية وما نتج عنها من مشادّات وجدالات أصبحت تُعرف وتُصاغ بطريقة “التريند” عن قدوم الفنان الفلاني أو عدم قدومه إلى دمشق.

هي الحياة، إذاً، بالألوان..

أو وفق تدرجات الرمادي.. من أقصى البياض إلى أقصى السواد..

ممزوجة بكل النكهات.

صورة مصغّرة عن الحياة، مهما كانت مموّهة أو مشوّهة.. ما تقدّمه صفحات “السوشال ميديا”..

وبالتالي، نتوهم أننا امتلكنا علماً، ولو يسيراً، عن كل ما يحصل.

هل تورّثنا “الوهم”..؟!

الأهم من كل ذلك..

كيف تتبدّى ردّة فعل كل منا تجاه هذا الكم الفظيع من التناقض..؟

أو هذا الكم هائل من وهم العيش ووهم التفاعل معه..؟

هل يوجد من يحتضن الصمت..؟

يتأمّل عن بعد ويراقب المشهد/المَشاهد.. بعين تحلّل، تنقد، وتفنّد..

يبدو لي أن الغالبية العظمى العاقلة تتمسك بلغة صامتة..

معهم الصمت هو اللغة الأكثر رقياً وفهماً..

كأنما يطبّقون رأي ميشيل فوكو: “بدل أن أكون ذلك الشخص الذي منه يأتي الخطاب، أفضل أن أكون فجوة رفيعة في مجراه العرضي، ونقطة اختفائه الممكنة”.