بالنظر إلى النتائج التي أفرزتها تداعيات الحرب في أوكرانيا حتى الآن، يمكن القول ببساطة أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر، فيما أتباعها في الغرب، إلى جانب الشعب الأوكراني هم من يدفعون الثمن من أمنهم واستقرارهم ورفاهيتهم، مقابل أن تجني واشنطن مكاسب سياسية واقتصادية.
فالحقيقة الماثلة للعيان بأن كل ما يجري في أوكرانيا، أو حتى على الصعيد العالمي من حروب وأحداث دامية، هو نتيجة تخطيط أميركي مدروس وممنهج، وعقلية بنتاغونية، ظلامية، استعمارية، استلابية.
أميركا دفعت زيلينسكي إلى خوض حرب يكون شعبه محرقتها، واستخدمته كبش فداء، وذراعاً لحربها بالوكالة، وهذا صحيح، ولكنها لم تدفعه إلى ذلك لمحاولة زعزعة الاستقرار الروسي فقط، والنيل من القرار السيادي لموسكو، وإنما يمكننا القول بأن واشنطن حققت مكاسب كثيرة من وراء سياساتها الدموية هذه، خاصة إذا ما علمنا أن الدول الأوروبية جراء هذه الحرب تعيش أزمة اقتصادية خانقة، وهي حالياً تشتري الغاز مرغمة عن أنفها بأربعة أضعاف سعره، من شريكها الأميركي الذي يشاركها فقط بالأرباح، فيما الخسائر هو بعيد كل البعد عنها.
هذه هي أميركا، وهذه هي أجنداتها الهدامة، وسيناريوهاتها الاستعمارية، وخططها الفوضوية، فهي لا تنفك عن الاستثمار في الحروب التي تشعلها في سبيل أن تبقى القوة الأحادية المهيمنة ولو كان ذلك على حساب أمن شركائها وأتباعها.
أميركا تعتقد أنها ما زالت صاحبة القرار العالمي، وأن باستطاعتها أن تطيح بأنظمة وتجلب أخرى على مقاس أهوائها، ولكنها سرعان ما ستصطدم بواقع المتغيرات الدولية الجديدة، حيث لم يعد هناك قطب أوحد تسيره كيفما تشاء، بل بات هناك أقطاب متعددة، ولعل تنامي نفوذ القوى الصاعدة، كروسيا والصين، وإلى جانبهما حلفاء كثر يناهضون السياسة الأميركية، هو خير دليل على كلامنا هذا.
تكسب أميركا حالياً، ولكنها ستبقى الخاسر الأوحد، فهي خسرت مكانتها بعد أن انكشف وجهها الحقيقي وبانت عوراتها الخلقية واللا أخلاقية.