العرض المسرحي «نقيق».. وجع البقاء على قيد الحياة

الملحق الثقافي:

بقلق وجودي تبدو شخصيات العرض المسرحي «نقيق» تعيش تفاصيل حياتها «في المتن وعلى الهامش» في حيز مكاني «جسدي/نفسي» وهي أسيرة هلوساتها وتخيلاتها امتداداً من خشبة العرض إلى «خشبة» الواقع التي تئن بدورها تحت ثقل مفردات تزيد من «وجع البقاء على قيد الحياة».
نص الكاتبة روعة سنبل، الحائز على المركز الأول في مسابقة الهيئة العربية للمسرح عام 2020 تحت عنوان « الخيال .. الكتابة خارج النمط» انطوى على شيء غير قليل من التكثيف في حوارات لامست أرواح الشخصيات برشاقة وحساسية عالية في بناء الحوار وصياغة منطوقه بغنى تعبيري ودلالي..
وأضفى الإعداد والإخراج، بتوقيع د.عجاج سليم، لمسات عميقة في نقل وتجسيد النص، ومنحه الكثير من الحرارة والفاعلية فوق الخشبة من خلال بناء حداثي للعمل المسرحي في مفرداته المتنوعة وعبر تقطيع حكاياته المتعددة، بدءاً مما يشبه النهاية، وعودة إلى التفاصيل، في الذاكرة والواقع، لنعود إلى النهاية مجدداً حيث تكتمل اللوحة ليتعرف المشاهد على الحكاية كاملة في خاتمة العرض.
وقد تميز النص والإخراج في توظيف مقاطع شعرية ذات دلالة مفعمة بعشق المكان والحياة، وكشف الكثير من جوانب الألم، خاصة مع مقاطع متعددة للشاعر رياض الحسين، التي تميزت بطزاجة في الرؤية على الرغم من أن الشاعر نفسه، الذي تتميز أعماله بحساسية عالية وخاصة، قد رحل عن عالمنا منذ أربعين عاماً تقريباً.. وجاءت أغنية فيروز «بكتب اسمك يا حبيبي» رسالة حب مفعمة بالمشاعر للمكان /الوطن.
الحكاية، لوحة ألم من كثير مما وقع خلال السنوات الماضية، وتستند هنا إلى وجع البطلة مي «ريم زينو»زوجة الدكتور عمار الغائب – الحاضر، الذي هاجر، ووالدته وفاء «ندى العبد الله». الأولى تفتقد « ابناً فقدته نتيجة قذيفة وزوجاً» والثانية تفتقد « ابناً وحفيداً» ، ويتبادلان المواجع والألم كما يتبادلان كرسي العجز، بين البداية والنهاية، تحت ظل ثقيل لحياة كبلت روح كل منهما بأثقالها..
نجحت ريم زينو في تمثل وتجسيد دور الأم المفجوعة والمصابة بعطب روحي شديد، بأداء متناغم ومحسوب في الحفر عميقاً في جوانية الشخصية وتقديمها نابضة جسدياً ونفسياً.. وشكلت مع ندى العبد الله في كشف دواخل الشخصيتين ومعاناتهما عبر حوارات دالة ومؤثرة..
الفنان وليد الدبس قدم دور «الضفدع» باقتدار وحيوية موظفاً جسده في حيز المكان بحيث يشكل لوحة تنسجم تفاصيلها في تجسيد حيوية النص بالتوافق مع حركة الجسد وليونته في تعبيرية نقلت أحاسيس ذلك «الضفدع/ الإنسان» المهشم والمهزوم بسبب تعرضه لتجارب قاسية بعد تعطيل مركز الإحساس في دماغه ليترك ذلك ندوباً بارزة في روحه.. وعندما يردد مقولة البطلة مي القديمة «وجع البقاء على قيد الحياة» تكمل « أن تحيا لتشاهد الموت وأنت عاجز» كما لو أنها تختصر عمراً بأكمله من حياة أفراد مهشمين..
وتأخذ بنا «أليس رشيد» في رقصها التعبيري، المتمكن والحار، إلى صور موازية للحالات النفسية التي تمر بها البطلة من تخيلات وهلوسات، ليغدو جسدها بليونته المعبرة، كما لو أنه المعادل الموضوعي لمعاناة مي التي نكتشف في النهاية أنها العاجزة، وليست حماتها كما بدا في بداية العرض، إثر تكشف خيوط الحكاية عن فقدانها لابنها نتيجة قذيفة تركتها « على قيد الحياة» بذاكرة معطوبة وقدمين مشلولتين..
وقدمت المقاطع الشعرية، التي تخللت العرض، إضافات فكرية وجمالية مع صوت المغنية «ايناس رشيد» لتكون تلك الخيارات موازياً آخر تتصادى فيه مفردات الحياة عبر اللوحة التي تشكلت من عدد من الحكايات المتشظية في بناء هارموني على مستوى النص والرقص والغناء ليعبر بنا إلى مقولاته الفكرية، ومن خلال جهد واضح لفريق العمل بكافة مفاصله..
بطاقة العمل
نص: روعة سنبل.. إعداد وإخراج د.عجاج سليم
الممثلون: ريم زينو، ندى العبد الله، وليد الدبس..أليس رشيد «رقص»، ايناس رشيد «غناء».
العدد 1117 – 25- 10-2022

آخر الأخبار
وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ