الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
أوقات الاعتياد تحتاج إلى تشغيل فتيل الجنون بحثاً عن حالات إلهام لا تتكرر، لكن حين يطغى جنون الواقع ونعيش مع أوقات لم نألفها يوماً..
حينها هل نحتاج إلى جنون من نوع خاص، سمعنا عنه سابقاً، حين كان يرتبط بجنون إبداعي، يأخذ صاحبه إلى فتوحات فكرية وفنية لاحد لها.
حالياً، نعيش اختلالاً واضحاً للمنطق والعقل… لا باتجاهات إبداعية، تبتكر المختلف لتحظى بلمحات فريدة يمكن للزمن تخليدها، بل حين نبدأ بالتعايش مع كل هذا الجنون كما لو أنه حقيقة يسعى لتكريسها.
كل شيء ممكن في أجواء تنقلب فيها الأحوال، ونتعايش مع اختراقات لم نتوقعها يوماً فإذ بنا نتصافح معها، ظناً منا، أنها ستنتهي في القريب العاجل.
لو أنهم قالوا لنا في وقت سابق سنعيش حالة تلاشي.. وتضيع معها أفكار دفع مبدعوها ثمناً رهيباً من حياتهم حتى اختمرت بما لا يترك مجالاً للوقت كي يتبرأ منه، لما صدقنا..
اليوم نمضي مع خيالات يتماهى فيها الواقعي والاعتيادي حد الضجر، وتبدو كأنها تتسابق بشكل فذ مع جنون تكنولوجي تضخمه تلك الشاشات والآلات التي تتحكم بنا بشكل فريد، لنبدو في مواجهتها لاحول لنا ولا قوة.
هي تبدع وتتوالد الأفكار منها، في لحظة، بما لا يترك لنا مجالاً للحاق بها.
كأن رؤوسنا خاوية، مستسلمة لباقات الانترنت المضجرة، تتلاعب بنا كما يحلو لها، المشتغلون بها يتلاعبون وينسفون عالماً متهادياً من الورق إلى غير رجعة، تاركين خيالات بشرية لثرثارات يومية لانهائية تبدو كمنطق محكم لجيل كامل…
فهل أكثر من جنون يتحكم بنا، ويبدع كما يحلو له ونحن صاغرون…رغم أنه إبداع معكوس، يقلب الأشياء ويجعلها تدور بلا حدود لتنثر فوق أدمغتنا كغبار سرعان ما ينتشر كأننا أدمناه حد الفجيعة…!
العدد 1117 – 25- 10-2022