يعلم السوريون أن حزم الإجراءات القسرية التي فرضتها الدول الغربية على بلادهم تهدف بالدرجة الأولى إلى معاقبتهم على رفضهم التدخل الخارجي في شؤونهم الداخلية والإملاءات السياسية عليهم، ولا صلة لهذه العقوبات بالمزاعم الزائفة التي تروجها هذه الدول لتبرير فرضها هذه العقوبات والعمل على تشديدها بين وقت وآخر..
وكذلك الأمر يدرك الشعب السوري أن إصرار واشنطن على نهب وسرقة الموارد السورية و خاصة النفط والقمح يهدف إلى إكمال حلقة الحصار الجائر أملاً باستسلام السوريين ودفعهم في نهاية المطاف إلى الخضوع للإملاءات الغربية.
إن اعتبار المقررة الخاصة للأمم المتحدة إلينا دوهان الإجراءات القسرية على سورية ترقى إلى جرائم الحرب وتضاعف المعاناة وتمنع إعادة الإعمار يضع المنظمة الدولية أمام مسؤوليتها للعمل على رفع هذه الإجراءات وتحميل الدول التي تفرضها المسؤولية القانونية والإنسانية عن عواقبها على جميع الصعد وخاصة الصحية والغذائية.
وأيضاً يتوجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي العمل على تجريم الحكومات والدول التي تستخدم القضايا الإنسانية والصحية والغذائية كوسائل ضغط لتحقيق مصالحها و أهدافها السياسية على حساب ومصالح ومستقبل الدول الأخرى.
إن الدول التي تخضع للضغوط الغربية وتلتزم بتطبيق إجراءاتها القسرية على الشعوب تتحمل جانباً من المسؤولية أيضا وخاصة أن هذه الإجراءات والعقوبات تفرض خارج إطار الشرعية الدولية وتخالف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني وتستهدف إخضاع الشعوب وتدجينها.
من المعلوم أن الدول الغربية تستغل واقع التجارة الدولية وتلتف على المعايير المتفق عليها في فرض مثل هذه الإجراءات لتستهدف الشركات وقطاعات الأعمال في العالم لتحقيق هدفين أساسيين في آن معاً:
الأول: إخضاع الشعوب المستهدفة وثانياً: محاصرة الشركات التي ترفض تنفيذ إجراءاتها في إطار منافسة غير قانونية تخالف معايير التجارة العالمية، وهذا يتطلب من العالم إعادة النظر بكل الاتفاقيات التجارية التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين خلافاً لسياقها العام المرتبط بالتجارة الحرة حول العالم.
إن تجرأ مقررة الخاصة للأمم المتحدة إلينا دوهان على القول إن الإجراءات القسرية الغربية بحق الشعب السوري ترقى إلى جرائم حرب لم يك ليحصل لولا مشاهدتها إثر هذه العقوبات على حياة جميع السوريين وتأثيرها على جهودهم المبذولة لإعادة بناء وطنهم الذي دمرته الحرب الإرهابية التي قادتها ومولتها الدول الغربية على مدى السنوات العشر الماضية وكذلك الأمر قناعتها من عدم جدوى هذه الإجراءات في دفع الشعب السوري إلى تغيير قناعاته والخضوع للإملاءات الغربية.
لقد أكدت المقررة الأممية أن هذه الإجراءات القسرية الغربية تزيد معاناة السوريين الإنسانية جراء محدودية الوصول إلى ((الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والمواصلات والرعاية الصحية والنقص الخطير في الأدوية والمعدات الطبية التخصصية وخاصة الخاصة بالأمراض المزمنة والنادرة)) وهذا الإقرار كاف لتتحرك الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية بشكل عاجل من أجل العمل والدعوة إلى رفع هذه العقوبات الجائرة وغير القانونية على الشعب السوري والضغط باتجاه صياغة قوانين دولية تمنع اللجوء إلى مثل هذه الخيارات في المستقبل.
التالي